للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مجلس آخر ٥٤

تأويل آية [ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً]

إن سأل سائل عن قوله تعالى: ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً؛ [البقرة: ٧٤].

فقال: ما معنى أَوْ هاهنا؟ أو ظاهرها يفيد الشك الّذي لا يجوز عليه تعالى.

الجواب، قلنا فى ذلك وجوه:

أوّلها أن تكون أَوْ هاهنا للإباحة كقولهم: جالس الحسن أو ابن سيرين؛ والق الفقهاء أو المحدّثين، ولم يريدوا الشك؛ بل كأنهم قالوا: هذان الرجلان أهل للمجالسة، وهذان القبيلان أهل للّقاء؛ فإن جالست الحسن فأنت مصيب، وإن جالست ابن سيرين فأنت مصيب، وإن جمعت بينهما فكذلك.

فيكون معنى الآية على هذا: إن قلوب هؤلاء قاسية متجافية عن الرّشد والخير، فإن شبّهتم قسوتها بالحجارة أصبتم، وإن شبّهتموها بما هو أشدّ أصبتم، وإن شبهتموها بالجميع فكذلك.

وعلى هذا يتأوّل قوله تعالى: أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ؛ [البقرة: ١٩]، لأن أَوْ لم يرد بها الشكّ بل على نحو الّذي ذكرناه/، من أنكم إن شبهتموهم بالذى استوقد نارا فجائز، وإن شبهتموهم بأصحاب الصيّب فجائز، وإن شبهتموهم بالجميع فكذلك.

وثانيها أن تكون أَوْ دخلت للتفصيل والتمييز، ويكون معنى الآية: إن قلوبهم قست، فبعضها ما هو كالحجارة فى القسوة، وبعضها ما هو أشد قسوة منها.