قال سيدنا أدام الله تمكينه: والوجوه المذكورة فى تأويل الخبر كالمتقاربة (١)، إلا أن الوجه الّذي اختص به ابن الأنبارىّ فيه أدنى تعسّف وبعد؛ من حيث جعل «إلّا» زائدة، وذلك كالمستضعف عند جماعة من أهل العربيّة.
وقد تبقّى فى الخبر مسألة، التشاغل بالجواب عنها أولى مما تكلّفه القوم، وهى متوجّهة على كل الوجوه التى ذكروها فى تأويله.
وهو أن يقال: كيف يجوز أن يخبر عليه السلام بأنّ من مات له ثلاثة من الولد لا تمسّه النار إما جملة، أو مقدار تحلة القسم؛ / وهو النهاية فى القلة! أوليس ذلك يوجب أن يكون إغراء بالذنوب لمن هذه حاله! وإذا كان من يموت وله هذا العدد من الأولاد غير خارج عن التكليف، فكيف يصحّ أن يؤمّن من العقاب!
والجواب عن ذلك، أنّا قد علمنا أو لا خروج هذا الخبر مخرج المدحة لمن هذه صفته والتخصيص له والتمييز، ولا مدحة فى مجرد موت الأولاد؛ لأن ذلك لا يرجع إلى فعله، فلا بدّ من أن يكون تقدير الكلام: إنّ النار لا تمسّ المسلم الّذي يموت له ثلاثة أولاد؛ إذا حسن صبره واحتسابه وعزاؤه، ورضاه بما جرى به القضاء عليه؛ لأنه بذلك يستحقّ الثواب والمدح؛ وإذا كان إضمار الصبر والاحتساب لا بدّ منه لم يكن فى القول إغراء؛ لأن كيفية وقوع الصبر والوجه الّذي إذا وقع عليه تفضّل الله سبحانه بغفران ما لعلّه أن يستحقّه من العقاب فى المستقبل وإذا لم يكن معلوما، فلا وجه للاغراء.
وأكثر ما فى هذا الكلام أن يكون القول مرغّبا فى حسن الصبر، وحاثّا عليه رغبة فى الثواب، ورجاء لغفران ما لعلّه أن يستحق فى المستقبل من العقاب؛ وهذا واضح لمن تأمله.