للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

١٣ مجلس آخر [المجلس الثالث عشر: ]

[أخبار بشر بن المعتمد وإيراد بعض أشعاره: ]

وكان أبو سهل بشر (١) بن المعتمر من وجوه أهل الكلام، ويقال إن جميع معتزلة بغداد كانوا/ من مستجيبيه.

وقال أبو القاسم البلخىّ: إنه من أهل بغداذ، وقيل: من أهل الكوفة، وذكر الجاحظ أنّه كان أبرص.

وحكى أنّه كان يوما فى مجلسه، وعنده أصحابه ومعه مجبر يسألهم ويقول: أنتم تحمدون الله على إيمانكم؟ وهم يقولون: نعم، فيقول لهم: فكأنّه يحبّ أن يحمد على ما لم يفعل، وقد ذمّ ذلك فى كتابه، فيقولون له: إنما ذمّ من أحب أن يحمد على ما لم يفعل؛ ممّن لم يعن عليه، ولم يدع إليه؛ وهو يشغّب إذ أقبل ثمامة (٢) بن أشرس، فقال بشر للمجبر:

قد سألت القوم وأجابوك، وهذا أبو معن فاسأله عن المسألة فقال له: هل يجب عليك أن تحمد الله على الإيمان؟ قال: لا، بل هو يحمدنى عليه، لأنه أمرنى به ففعلته، وأنا أحمده على الأمر به، والتقوية عليه، والدعاء إليه؛ فانقطع المجبر. فقال بشر: شنعت فسهلت.

قال الجاحظ: وكان بشر يقع فى أبى الهذيل، وينسبه إلى النفاق، فقال وهو يصفه:

أبو الهذيل لأن يكون لا يعلم، وهو عند الناس يعلم أحب إليه من أن يعلم، ويكون عند الناس لا يعلم، ولأن يكون من السّفلة، وهو عند الناس من العلية أحبّ إليه من أن يكون من العلية، وهو عند الناس من السّفلة، ولأن يكون نبيل المنظر، سخيف المخبر أحبّ إليه من أن يكون نبيل المخبر، سخيف المنظر؛ وهو بالنفاق أشدّ عجبا منه بالإخلاص، ولباطل مقبول أحبّ إليه من حق مدفوع.


(١) بشر بن المعتمر؛ انتهت إليه رئاسة المعتزلة ببغداد؛ وتوفى سنة ٢١٠. (لسان الميزان ٢: ٣٣).
(٢) ثمامة بن الأشرس النميرى؛ مولى بنى نمير؛ كان زعيم القدرية فى زمن المأمون والمعتصم والواثق، وهو الّذي دعا المأمون إلى الاعتزال؛ توفى سنة ٢١٣؛ (لسان الميزان ٢: ٨٣، والفرق بين الفرق ١٥٧).