للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٤٤ مجلس آخر [المجلس الرابع والأربعون: ]

تأويل آية [: نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ ... ]

إن سائل سائل عن قوله تعالى: نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً؛ [الإسراء: ٤٧].

فقال: لم وحّد نَجْوى وهو خبر عن جمع؟ وما معنى مَسْحُوراً وما جرت عادة مشركى العرب بوصف رسول الله

صلى الله عليه وآله بذلك، بل عادتهم جارية بقرفه بأنه ساحر؟

الجواب، قلنا: أما قوله تعالى: وَإِذْ هُمْ نَجْوى فإن «نجوى» مصدر يوصف به الواحد والاثنان والجمع والمذكر والمؤنث، وهو مقرّ على لفظه. وبجرى ذلك مجرى/ قولهم: الرجال صوم، والمنازل حمد، يعنى بصوم صائمون، وبحمد محمودون.

وقد قال قوم: إن معناه: وإذ هم أصحاب نجوى، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، ويقال: القوم نجىّ والقوم أنجية، فمن وحّد بنى على مذهب المصدر، ومن جمع جعله منقولا عن المصادر، ملحقا برغيف وأرغفة، وما أشبه ذلك.

وقد قال الشاعر (١):

أتانى نجيّى بعد هدء ورقدة ... ولم أك فيما قد بلوت بكاذب (٢)


(١) ف: «وقال الشاعر فى التوحيد»؛ وهو سواد بن قارب السدوسى؛ صحابىّ ذكره ابن حجر فى الإصابة ٣: ١٤٨ - ١٤٩.
(٢) من أبيات أنشدها عند الرسول عليه السلام، ذكرت مع خبر له فى مقدمة جمهرة الأشعار ٢٤ - ٢٦. والرواية هناك:
* ولم يك فيما قد عهدت بكاذب*.