للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل لعبد الله بن جعفر- ونظر إليه يماكس فى درهم- فقيل له: أتماكس فى درهم وأنت تجود بما تجود به! فقال: ذاك مالى جدت به، وهذا عقلى بخلت به.

[من أجوبة أبى العيناء المسكتة: ]

وروى أنّ أبا العيناء محمد بن القاسم اليمامىّ حدّث بعض الزبيريين (١) بفضائل أهله (٢) فقال له: الزّبيرىّ (٣): أتجلب التمر إلى هجر (٤)! فقال له أبو العيناء: نعم، إذا أجدبت أرضها، وعاوم (٥) نخلها؛ وكان أبو العيناء من أحضر الناس جوابا، وأجودهم بديهة، وأملحهم نادرة.

وروى (٦) الصولىّ عن أبى العيناء قال: لما دخلت (٧) على المتوكل دعوت له، وكلّمته، فاستحسن خطابى، وقال لى: يا محمد، بلغنى أنّ فيك شرّا، فقلت: يا أمير المؤمنين، إن يكن الشرّ ذكر المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته، فقد زكّى الله تعالى وذم، فقال فى التزكية: نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ؛ [ص: ٣٠، ٤٤]، وقال فى الذم: هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ. مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ. عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ؛ [القلم: ١١ - ١٣]، فذمّه الله تعالى حتى قذفه (٨)، وقد قال الشاعر:

إذا أنا بالمعروف لم أثن دائبا ... ولم أذمم الجبس اللّئيم المذمّما (٩)

ففيم عرفت الخير والشّرّ باسمه ... وشقّ لى الله المسامع والفما!

وإن كان الشرّ كفعل العقرب يلسع النبىّ والذّمى بطبع لا يتميز؛ فقد صان الله عبدك عن ذلك.


(١) حاشية ت (من نسخة): «الزهريين».
(٢) ت: «بحديث فى فضائل أهله.
(٣) حاشية ت (من نسخة): «الزهرى».
(٤) هجر: مدينة واقعة على جبال العارض ببلاد العرب؛ وكانت قاعدة البحرين.
(٥) المعاومة: أن تحمل النخلة سنة ولا تحمل أخرى.
(٦) ت: «فحكى عن الصولى».
(٧) حاشية (من نسخة): «أدخلت».
(٨) ت: «قرفه»، والقذف والقرف: ذكر المرء بالسوء.
(٩) البيتان فى أمالى القالى ٢: ١٥٩؛ رواهما عن أبى العالية الرياحى.