للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٤٥ مجلس آخر [المجلس الخامس والأربعون: ]

تأويل آية [: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ]

إن سأل سائل عن معنى قوله تعالى: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [القصص: ٧٨].

وقوله تعالى: إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ؛ [الإنسان: ٩].

وقوله تعالى: وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ؛ [الرحمن: ٢٧].

وما شاكل ذلك من آي القرآن المتضمنة لذكر الوجه.

الجواب، قلنا: الوجه فى اللغة العربية ينقسم إلى أقسام:

فالوجه المعروف المركب فيه العينان من كل حيوان.

والوجه أيضا أول الشيء وصدره؛ ومن ذلك قوله تعالى: وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ [آل عمران: ٧٢] أى أوّل النهار؛ ومنه قول الربيع بن زياد:

/ من كان مسرورا بمقتل مالك ... فليأت نسوتنا بوجه نهار (١)

أى غداة كلّ يوم. وقال قوم: وجه نهار: موضع.

والوجه القصد بالفعل؛ من ذلك قوله تعالى: وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ؛ [لقمان: ٢٢]؛ معناه: من قصد بأمره وفعله إلى الله سبحانه، وأراده بهما. وكذلك قوله تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ، [النساء: ١٢٥]؛ وقال الفرزدق:


(١) الحماسة- بشرح المرزوقى ٩٩٥؛ وفى نسخة بحاشيتى الأصل، ف: «فليأت ساحتنا»؛ وهى رواية الحماسة؛ وهو مالك بن زهير العبسى قتل فى بنى فزارة؛ فرثاه الربيع بأبيات من هذا البيت.