للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تأويل خبر [«لا عدوى ولا هامة ولا طيرة»]

إن سأل سائل فقال: كيف يطابق ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال:

«لا عدوى ولا هامة ولا طيرة» وأنه قيل له: إن النّقبة (١) تقع بمشفر البعير فتجرب لذلك الإبل، فقال عليه السلام:

«فما أعدى الأول؟ » لما روى عنه عليه السلام من قوله: «لا يوردنّ ذو عاهة على مصحّ»، وقوله: «فرّ من المجذوم فرارك من الأسد»، وأن رجلا مجذوما أتاه ليبايعه بيعة الإسلام فأرسل إليه بالبيعة، وأمره بالانصراف، ولم يأذن له عليه السلام، وروى عنه عليه السلام أنه قال: «الشؤم فى المرأة والدار والدّابة»؛ وظواهر هذه الأخبار متنافية متناقضة فبيّنوا وجه الجمع بينها.

الجواب، قلنا: إن ابن قتيبة قد سأل نفسه عن اختلاف هذه الأخبار، وأجاب عن ذلك بما نذكره على وجهه، ونذكر ما عندنا فيه، فإنه خلّط/ وأتى بما ليس بمرضىّ.

قال: " إنّ لكلّ (٢) من هذه الأخبار معنى وموضعا؛ فإذا وضع موضعه زال الاختلاف".

قال: " وللعدوى معنيان:

أحدهما عدوى الجذام، وإنّ المجذوم تشتد رائحته حتى تسقم فى الحال مجالسيه ومؤاكليه، وكذلك المرأة تكون تحت المجذوم فتضاجعه فى شعار واحد، فيوصل إليها الأذى؛ وربما جذمت، وكذلك ولده ينزعون فى الكبر إليه، وكذلك من كان به سلّ ودقّ (٣)، والأطباء تأمر بألّا يجالس المسلول والمجذوم؛ ولا يريدون بذلك معنى العدوى؛ وإنما يريدون بذلك تغيّر الرائحة، وأنها قد يسقم فى الحال اشتمامها. والأطباء أبعد الناس من الإيمان بيمن أو شؤم، وكذلك النّقبة تكون بالبعير وهو جرب رطب، فإذا خالط الإبل وحاكّها أوصل إليها بالماء الّذي يسيل منه نحوا مما به؛ فهذا هو المعنى الّذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله:

«لا يوردنّ ذو عاهة على مصحّ» ".


(١) النقبة: أول شيء يظهر من الجرب؛ وجمعها نقب. (وانظر نهاية ابن الأثير ٤: ١٦٨).
(٢) تأويل مختلف الأحاديث ص ١٢٣ وما بعدها؛ مع اختلاف فى العبارة.
(٣) الدق: نوع من الحمى.