للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: " وقد ذهب قوم إلى أنه أراد بذلك ألّا يظن أنّ الّذي نال إبله من ذوات العاهة، فيأثم."

قال: " وليس لهذا عندى وجه؛ لأنا نجد الّذي خبرتك به عيانا» ".

قال: " وأما الجنس الآخر من العدوى فهو الطاعون ينزل ببلد فيخرج منه خوفا من الطاعون، وحكى عن الأصمعىّ عن بعض البصريين أنه هرب من الطاعون، فركب حمارا ومضى بأهله نحو سفوان (١)، فسمع حاديا يحدو خلفه،

وهو يقول:

لن يسبق الله على حمار ... ولا على ذى ميعة مطار (٢)

أو يأتى الحقّ (٣) على مقدار ... قد يصبح الله أمام السّارى

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: «إذا كان بالبلد الّذي أنتم فيه فلا تخرجوا منه».

وقال أيضا: «إذا كان ببلد فلا تدخلوه»؛ يريد بقوله: «لا تخرجوا» من البلد إذا كان فيه.

كأنكم تظنون أن الفرار من قدر الله تعالى ينجيكم؛ ويريد بقوله: «إذا كان ببلد فلا تدخلوه» إن مقامكم بالموضع الّذي لا طاعون فيه أسكن لأنفسكم، وأطيب لعيشكم/". قال: " ومن ذلك المرأة تعرف بالشؤم، والدار، فينال الرجل مكروها أو جائحة فيقول: أعدتنى بشؤمها» ".

قال: " فهذا الّذي قال فيه عليه السلام: «لا عدوى» ".

" فأما الحديث الّذي رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: «الشؤم فى المرأة والدار والدابّة» فإن هذا يتوهّم فيه الغلط على أبى هريرة، وأنه سمع من النبي صلى الله عليه وآله شيئا فلم يعه."

وروى ابن قتيبة خبرا ورفعه إلى أبى حسّان الأعرج أنّ رجلين دخلا على عائشة فقالا: إن أبا هريرة يحدّث عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: «إنما الطّيرة فى المرأة والدار والدابة»، فطارت


(١) سفوان: منزل قريب من البصرة.
(٢) الميعة: مصدر ماع الفرس إذا جرى.
(٣) حاشية الأصل: «نسخة س: الحتف»، وهى رواية ابن قتيبة.