للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأدركت من قد كان قبلى ولم أدع ... لمن كان بعدى فى القصائد مصعدا (١)

أراد لمن يكون بعدى.

ومما جعلوا فيه المستقبل فى موضع الماضى قول الصّلتان العبدىّ يرثى المغيرة بن المهلّب (٢):

قل للقوافل والغزاة (٣) إذا غزوا ... والباكرين وللمجدّ الرّائح

إنّ الشّجاعة والسّماحة ضمّنا ... قبرا بمرو على الطّريق الواضح

فإذا مررت بقبره فاعقر به ... كوم الجلاد وكلّ طرف سابح (٤)

وانضح جوانب قبره بدمائها ... فلقد يكون أخا دم وذبائح

معناه: «فلقد كان كذلك».


(١) د، ف: «الفضائل مصعدا»، وفى حاشيتى الأصل، ف: «أى بلغت درجة من كان قبلى».
(٢) فى حاشيتى الأصل، ف: «هذه قصيدة رواها الأصمعى لزياد الأعجم، وتروى للصلتان العبدىّ؛ وهى إحدى المراثى السبع، وقال غيره: هى لزياد الأعجم؛ وهو من عبد القيس، وكان يلقب بالصلتان، وإنما قيل له الأعجم للثغة فى لسانه، ويقال: إنه نشأ فى العجم، وكان من أشعر أهل زمانه؛ وكان اصطفاه المهلب بن أبى صفرة الأزدى؛ فكان زياد يمدحه وأهله، وكان ألثغ، يقول للجرادة «زرادة»، فقال له شاعر:
وما صفراء تدعى أم عوف ... كأنّ رجيلتيها منجلان
فقال زياد:
أردت زرادة وأظنّ أخرى ... أردت بما أردت به لسانى
وكان يقول: «أنا أقول «السعر»، و «الأرب» تقوم لى، أراد «الشعر»، و «العرب».
والقصيدة فى أمالى اليزيدى ١ - ٧.
(٣) فى الأمالى: «والغزىّ» كغنى.
(٤) الكوم: جمع كوماء؛ وهى الناقة السمينة؛ والجلاد: جمع جلدة؛ وهى أدسم الإبل لبنا.
وفى د: «كوم المطىّ»، وفى الأمالى: «كوم الهجان». والطرف: الأصيل من الخيل. والسابح:
الّذي يجرى بقوة. وفى أمالى اليزيدى: «لما أنشد زياد الأعجم المهلب هذا الموضع من القصيدة قال: أعقرت يا أبا أمامة؟ قال: لا والله، أصلحك الله! قال: ولم؟ قال: لأنى كنت على ابنة الأتان، قال: أما إنك لو عقرت ما بقى بالبصرة طرف عتيق، ولا حمل نجيب إلا شدّ بمربطك أو نيخ بفنائك».