وأما ابن قتيبة فإنه رد على أبى عبيد من غير وجه يقتضي الرّد واعترض جواب ابن المبارك، باعتبار العموم والخصوص، وترك أن يفسده من الوجه الّذي يفسد به وهو الّذي ذكرناه، وكيف ننبه على فساده من هذه الجهة، وقد اختار فى تأويل الخبر ما يجرى فى الفساد والاختلال مجرى تأويل ابن المبارك.!
فأما النّسخ فى الأخبار فجائز إذا تضمنت معنى الأمر والنهى؛ ويكون ما دلّ على جواز النسخ فى الأوامر دالا على جواز ذلك فيها؛ وهذا مثل أن يقول: الصلاة واجبة عليكم، ثم يقول بعد زمان: ليست بواجبة، فيستدل بالثانى على نسخ الحكم الأول، كما لو قال عليه السلام:
صلوا، ثم قال: لا تصلوا كان النهى الثانى ناسخا للأول.
فأما الجواب الّذي ذكره ابن قتيبة فقد بينا فساده فيما تقدم (١) من الأمالى عند تأويلنا قوله تعالى: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ؛ [الأعراف: ١٧٢]؛ وأفسدنا قول من اعتقد أنه مسح ظهر آدم، واستخرج منه الذرّية وأشهدها على نفوسها، وأخذ إقرارها بمعرفته بوجوه من الكلام؛ فلا طائل فى إعادة ذلك.