للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا منّة امتنّها السّكر ... ما ينقضى منّى لها الشّكر

أعطتك فوق مناك من قبل ... قد كنّ قبل، مرامها وعر

يثنى إليك بها سوالفه ... رشأ صناعة عينه السّحر

ظلّت حميّا الكأس تبسطنا (١) ... حتّى تهتّك بيننا السّتر

/ فى مجلس ضحك السّرور به ... عن ناجذيه وحلّت الخمر

أما قوله: «حلّت الخمر» فيحتمل أن يريد به أنّ ما وصفه من طيب الموضع وتكامل السرور به وحضور (٢) المأمول فيه صار مقتضيا لشرب الخمر، وملجئا إلى تناولها، ورافعا للحرج فيها؛ على مذهب الشعراء فى المبالغة؛ وتكون فائدة وصفها بأنها «حلّت» المبالغة فى وصف الحال بالحسن والطّيب. ويحتمل أن يكون عقد على نفسه، وآلى ألّا يتناول الخمر إلّا بعد الاجتماع مع محبوبه، وكان الاجتماع معه مخرجا له عن يمينه، على مذهب العرب فى تحريم الخمر على نفوسهم، إلى أن يأخذوا بثأرهم؛ ويجرى ذلك مجرى قول الشّنفرى:

حلّت الخمر وكانت حراما ... وبلأى ما ألمّت تحلّ (٣)

ويحتمل أن يريد «بحلّت» نزلت وأقامت؛ من الحلول الّذي هو المقام؛ لا من الحلال؛ فكأنه وصف بلوغ جميع آرابه وحضور فنون لذّاته، وأنها تكاملت بحلول الخمر؛ التى فيها جميع اللذات؛ وهذا الوجه وإن لم يشر إليه أحد ممّن تقدم فى تفسير هذا البيت؛ فالقول يحتمله، ولا مانع من أن يكون مرادا. وقد قيل إنه أراد استحللنا الخمر لسكرنا، وفقدنا العقول التى كنا نمتنع لها من الحرام؛ والوجوه المتقدمة أشبه وأقرب إلى الصواب.


(١) د: «تنشطنا».
(٢) د، ف: «وحصول».
(٣) من قصيدة مطلعها:
إنّ بالشّعب الّذي دون سلع ... لقتيلا دمه ما يطلّ
وفى نسبتها خلاف كبير؛ نسبها أبو تمام فى الحماسة ٢: ٣١٣ - ٣١٩ إلى تأبط شرا، وقال التبريزى:
«إنها لخلف الأحمر؛ وقيل إنها لابن أخت تأبط شرا»؛ ونسبها ابن قتيبة فى الشعر والشعراء إلى خلف؛ وقال: «إنه نحلها ابن أخت تأبط شرا؛ وكان يقول الشعر وينحله المتقدمين»، وممن نسبها إلى الشنفرى صاحب الأغانى (٥: ١٦٢).