للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكأنّ معنى (١) الخبر إذا لم تفعل قبيحا فافعل ما شئت، لأنه لا قبيح (٢) من ضروب القبائح إلا والحياء يصاحبه، ومن شأن فاعله إذا قرع به أن يستحيى منه، فمتى جانب/ الإنسان ما يستحى منه من أفعاله فقد جانب سائر القبائح، وما عدا القبيح من الأفعال فهو حسن.

ويجرى هذا مجرى خبر يروى فيما أظن عن نبينا عليه السلام أنّ رجلا جاءه (٣) فاسترشده إلى خصلة يكون فيها جماع الخير، فقال له عليه السلام: «أشترط عليك ألّا تكذبنى، ولن أسألك (٤) ما وراء ذلك»، فهان على الرجل ترك الكذب خاصّة، والمعاهدة على اجتنابه دون سائر القبائح، وشرط على نفسه ذلك، فلمّا انصرف جعل كلّما همّ بقبيح يفكّر (٥) ويقول: أرأيت لو سألنى عنه النبي صلى الله عليه وآله ما كنت قائلا له، لأننى إن صدقته افتضحت، وإن كذبته نقضت العهد بينى وبينه؛ فكان ذلك سببا لاجتنابه لسائر القبائح (٦)، وهكذا معنى الخبر الّذي تأوّلناه؛

لأن فى اجتناب ما يستحى منه اجتنابا لسائر القبائح.


(١) م: «المعنى».
(٢) م: «لا ضرب».
(٣) حاشية ت (من نسخة): «أتاه».
(٤) حاشية ت (من نسخة): «عما».
(٥) من نسخة بحاشيتى الأصل، ت: «يفكر»؛ بإسكان الفاء وكسر الكاف.
(٦) حاشية ف: «قال السيد الإمام ضياء الدين: وفى رواية أخرى أن رحلا أتى رسول الله صلى الله عليه وآله، فأسلم ثم قال: أنا أؤاخذ من الذنوب بما ظهر، وأنا أستسر بخلال أربع: الزنا والسرقة وشرب الخمر والكذب؛ فأيتهن أحببت تركت، قال: دع الكذب؛ فلما تولى من عند النبي صلى الله عليه وآله هم بالزنا؛ فقال: يسألنى رسول الله صلى الله عليه وآله، فإن جحدت تقضت ما جعلت، وإن أقررت حددت، ثم هم بالسرقة ثم يشرب الخمر؛ فتفكر فى مثل ذلك، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: يا رسول الله، تركتهن أجمع. قال السيد: إنما كتبت هذه الرواية هاهنا؛ لأن هذه مفصلة، وتلك مجملة، ولأنى رأيت السيد غير محقق فيما أورده».