للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال النّاس ما من ذين إلّا ... بمنزلة الخليق من الجدير (١)

فإن سبق الكبير فأهل سبق ... له فضل الكبير على الصّغير

وإن بلغ الصّغير مدى كبير ... فقد خلق الصّغير من الكبير

ومن هذا المعنى قول الشاعر:

جياد جرت فى حلبة فتفاضلت ... على قدر الأسنان والعرق واحد (٢)

وممّا له بهذا المعنى بعض الشّبه، وإن لم يذكر فيه السّن وتفضيل الكبر قول زهير:

/ هو الجواد فإن يلحق بشأوهما ... على تكاليفه فمثله لحقا (٣)

أو يسبقاه على ما كان من مهل ... فمثل ما قدّما من صالح سبقا

وروى أنه عرضت على جعفر (٤) بن يحيى بن خالد البرمكيّ جارية شاعرة، فأراد أن يبلوها فقال لها: قولى فى معنى بيتى زهير اللذين ذكرناهما، فقالت:


(١) فى حاشيتى الأصل، ف: «أى لم يكن بينك وبين أبيك من الفرق والتفاوت إلا مثل ما بين الخليق والجدير، ومعناهما واحد».
(٢) حاشية الأصل: «أى على الكبر والطعن فى السن. والعرق: الأصل».
(٣) البيتان فى ديوانه: ٥١ - ٥٢؛ وقبلهما:
يطلب شأو امرأين قدّما حسنا ... نالا الملوك وبذّا هذه السّوقا
والشأو: الغاية، وأراد بالمرأين أباه وجده.
(٤) حاشية ف «قيل: لما قتل جعفر بن يحيى وصلب بباب الجسر، رأسه فى ناحية، وجسده فى ناحية مرت به امرأة على حمار فاره، فوقفت عليه ثم نظرت إلى الناس فقالت بلسان فصيح: والله لئن صرت اليوم آية؛ لقد كنت فى المكارم غاية؛ ثم أنشأت تقول:
ولما رأيت السّيف خالط جعفرا ... ونادى مناد للخليفة فى يحيى
بكيت على يحيى وأيقنت أنّما ... قصارى الفتى يوما مفارقة الدّنيا
وما هى إلّا دولة بعد دولة ... تخوّل ذا نعمى وتعقب ذا بلوى
إذا أنزلت هذا منازل رفعة ... من الملك حطّت ذا إلى غاية سفلى
ثم حركت الحمار؛ فكأنها كانت ريحا لم تعرف».