للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نشر الوليد بن يزيد يوما المصحف، وكان خطّه كأنّه أصابع، وجعل يرميه بالسهام وهو يقول (١):

تذكّرنى الحساب ولست أدرى ... أحقّا ما تقول من الحساب

فقل لله يمنعنى طعامى ... وقل لله يمنعنى شرابى

قال سيدنا الشريف الأجلّ المرتضى أدام الله علوه: ويله من هذه الجرأة على الله ويلا طويلا! وما أقدر الله أن يمنعه طعامه وشرابه وحياته! وما أولاه اللعين بأليم العذاب وشديد العقاب! لولا ما تتمّ به المحنة، وينتظم به التكليف؛ من تأخير المستحق من الثواب والعقاب، وتبعيدهما من أحوال الطاعات والمعاصى.

أخبرنا أبو عبيد الله المرزبانىّ قال: حدثنى أحمد بن كامل قال: كان الوليد بن يزيد زنديقا وإنه فتح (٢) المصحف يوما فرأى فيه: وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ؛ [إبراهيم: ١٥]، فاتخذ المصحف غرضا ورماه بالنّبل حتى مزّقه؛ وهو يقول:

أتوعد كلّ جبّار عنيد ... فها أنا ذاك جبّار عنيد

فإن لاقيت ربّك يوم حشر ... فقل يا ربّ خرّقنى الوليد (٣)

***


(١) ت: «وهو يقول».
(٢) حاشية الأصل (من نسخة): «افتتح».
(٣) حاشية ف: «أخبر أبو حاتم عن العتبىّ قال: كان الوليد بن يزيد قد نظر إلى جارية من أهيإ النساء يقال لها: سفرى، فجن بها، وجعل يراسلها وتأبى عليه؛ حتى بلغه أن عيدا للنصارى قد قرب، وأنها ستخرج فيه، وكان فى موضع العيد بستان حسن، وكان النساء يدخلنه، فصانع الوليد صاحب البستان أن يدخله فينظر إليها؛ فتابعه، وحضر الوليد وقد تقشف وغير حليته، ودخلت سفرى البستان، فجعلت تمشى حتى انتهت إليه، فقالت لصاحب البستان: من هذا؟ قال لها: رجل مصاب، فجعلت تمازحه وتضاحكه حتى اشتفى من النظر إليها ومن حديثها؛ فقيل لها: ويلك! أتدرين من ذلك الرجل؟ قالت: لا، -