للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

/ طبعت على ما فىّ غير مخيّر ... هواى ولو خيّرت كنت المهذّبا

أريد فلا أعطى وأعطى ولم أرد ... وغيّب عنّى أن أنال المغيّبا

وأصرف عن قصدى وعلمى مبصر ... فأمسى وما أعقبت إلّا التّعجّبا

قال الجاحظ: كان بشّار صديقا لواصل بن عطاء الغزّال قبل أن يظهر مذاهبه المكروهة، وكان بشّار مدح واصل بن عطاء، وذكر خطبته التى نزع منها الراء (١)، وكانت على البديهة فقال:

تكلّف القول والأقوام قد حفلوا ... وحبّروا خطبا ناهيك من خطب!

فقام مرتجلا تغلى بداهته ... كمرجل القين لمّا حفّ باللهب (٢)

وجانب الرّاء لم يشعر به أحد ... قبل التّصفّح والإغراق فى الطّلب

ومثل ذلك قول بعضهم فى واصل بن عطاء:

ويجعل البرّ قمحا فى تكلّمه ... وجانب الرّاء حتّى احتال للشّعر

ولم يقل مطرا والقول يعجله ... فعاذ بالغيث إشفاقا من المطر

فلما أظهر بشار مذاهبه هتف (٣) به واصل، وقام بذكره وتكفيره وقعد، فقال بشار فيه:

ما لي أشايع غزّالا له عنق ... كنقنق الدّوّ إن ولى وإن مثلا (٤)

عنق الزّرافة ما بالى وبالكم ... تكفّرون رجالا أكفروا رجلا (٥)


(١) نشرها الأستاذ عبد السلام هارون فى المجموعة الثانية من نوادر المخطوطات.
(٢) حاشية الأصل: (من نسخة): «فقال مرتجلا»؛ والقين فى الأصل: الحداد؛ ثم قيل لكل عامل بالنار: قين، وأراد بالقين هاهنا الصباغ».
(٣) هتف به: فضحه، والهتاف فى الأصل الصياح.
(٤) النقنق بكسر النونين: ذكر النعام، والدو والدوية والداوية: الفلاة.
(٥) حواشى الأصل، ت، ف: «عنق، نصب على الذم؛ شبه واصلا بالزرافة، والزرافة: الحيوان المعروف، وعنقه أصحابه؛ يقال: هم إليه عنق؛ أى متتابعون».