للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الاضطراب إذا قمت، فإن رأيت أن تأذن لى فى الجلوس فعلت، فقال: اجلس، فجلس، ثم أنشأ يقول:

يا خير من وخدت بأرحله ... نجب الرّكاب بمهمه جلس (١)

تطوى السّباسب فى أزمّتها ... طىّ التّجار عمائم البرس (٢)

لمّا رأتك الشّمس طالعة ... سجدت لوجهك طلعة الشّمس

خير الخلائف (٣) أنت كلّهم ... فى يومك الماضى وفى أمس

وكذاك لا تنفكّ خيرهم ... تمسى وتصبح فوق ما تمسى

من عصبة طابت أرومتها ... أهل العفاف ومنتهى القدس

فوق النّجوم فروع نبعتهم ... ومع الحضيض منابت الغرس

إنّى رحلت إليك من فزع ... كان التّوكّل عنده ترسى

ما ذاك إلّا أنّنى رجل ... أصبو إلى بقر من الإنس

بقر أوانس لا قرون لها ... يقتلن بالتّطويل والحبس

وأجاذب الفتيان بينهم ... صهباء مثل مجاجة الورس

للماء فى حافاتها حبب ... نظم كطىّ صحائف الفرس (٤)

والله يعلم فى بنيّته ... ما إن أضعت إقامة الخمس

فقال له هارون: من أنت؟ قال: عليّ بن الخليل الّذي يقال إنه زنديق، قال: أنت آمن، وكتب إلى حمدويه ألّا يعرض له.

ومن تركنا ذكره من هؤلاء أكثر ممن ذكرناه، وإنما اعتمدنا من كان بهذه البليّة


(١) وخدت: أسرعت، ونجب: جمع نجيب، وهو وصف للناقة الخفيفة السريعة، والمهمّة: البلد الفقر، والجلس: الغليظ من الأرض.
(٢) السباسب: جمع سبسب؛ وهى الفلاة، والتجار: جمع تجر، وتجر: جمع تاجر؛ كقولهم:
صاحب وصحب وصحاب، والبرس: القطن.
(٣) م: «الخلائق».
(٤) حاشية الأصل: «ذكر س: الحباب طرائق الماء، والحبب ما يعلو المائعات من النفاخات».