للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى عنه عليه السلام أنه سئل: بم عرفت ربك؟ فقال: بما عرّفنى به، قيل: وكيف عرّفك؟ فقال: «لا تشبهه صورة، ولا يحسّ بالحواسّ الخمس، ولا يقاس بقياس الناس». وقيل له عليه السلام: كيف يحاسب الله الخلق؟ فقال: كما يرزقهم، فقيل: كيف يحاسبهم ولا يرونه؟

فقال؛ كما يرزقهم ولا يرونه.

وسأله رجل فقال: أين كان ربّك قبل أن يخلق السماء والأرض؟ فقال عليه السلام:

أين سؤال عن مكان، وكان الله ولا مكان.

وروى عن أبى عبد الله الصّادق (١) عليه السلام أنه سأله محمد الحلبىّ فقال له: هل رأى رسول الله صلى الله عليه وآله ربّه؟ قال: نعم رآه بقلبه، فأما ربّنا جلّ جلاله فلا تدركه أبصار الناظرين، ولا تحيط به أسماع السامعين.

وروى صفوان بن يحيى قال: دخل أبو قرّة المحدّث على أبى الحسن الرّضا (٢) عليه السلام فسأله (٣) عن أشياء من الحلال والحرام والأحكام والفرائض، حتى بلغ إلى التوحيد، فقال له أبو قرّة: إنا روّينا أن الله تعالى قسم الكلام والرؤية، فقسم لموسى الكلام، ولمحمد صلى الله عليه وآله الرؤية، فقال الرّضا عليه السلام: فمن المبلّغ عن الله تعالى إلى الثّقلين: الجنّ والإنس أنه لا تدركه الأبصار، ولا يحيطون به علما، وليس كمثله شيء؟ أليس محمد عليه السلام نبيا صادقا؟

قال: بلى، قال: فكيف يجيء رجل إلى الخلق جميعا فيخبرهم أنه جاء من عند الله تعالى يدعوهم إليه بأمره، ويقول: لا تدركه الأبصار، ولا يحيطون به علما، وليس كمثله شيء، ثم يقول:


(١) هو الإمام ابو عبد الله جعفر الصادق بن محمد الباقر بن على زين العابدين بن الحسين بن على بن أبى طالب، وأمه فروة بنت القاسم بن محمد بن أبى بكر، ولد بالمدينة سنة ٨٠، وروى عن أبيه وجده القاسم وطبقتهما، وقد ألف تلميذه جابر بن حيات الصوفى كتابا فى ألف ورقة يتضمن رسائله؛ وتوفى سنة ١٤٨، ودفن بالبقيع؛ (شذرات الذهب ١: ٢٢٠).
(٢) هو الإمام أبو الحسن على الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق، ثامن الأئمة الاثنى عشر، توفى بطوس سنة ٢٠٤، وصلى عليه المأمون؛ ودفن بجانب الرشيد. (شذرات الذهب ٢: ٦).
(٣) حاشية ت (من نسخة): «فساء له».