للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تعالى: فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فيما تطيقون فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ؛ بمنزلة من ليست أيّما، ولا ذات زوج. فقال ابن لهيعة: هذا والله هو الحق.

ويقال إن عمرو بن عبيد أتى يونس بن عبيد يعزّيه عن ابن له، فقال له: إن أباك كان أصلك، وإن ابنك كان فرعك، وإن امرأ ذهب أصله وفرعه لحرىّ أن يقلّ بقاؤه. وقيل إن عبد الله بن عبد الأعلى أخذ هذا المعنى فقال:

صحبتك قبل الرّوح إذ أنا نطفة ... تصان فما يبدو لعين مصونها

أرى المرء دينا للمنايا وما لها ... مطال إذا حلّت بنفس ديونها

فماذا بقاء الفرع من بعد أصله ... ستلقى الّذي لاقى الأصول غصونها

وأول من سبق إلى هذا المعنى امرؤ القيس فى قوله:

فبعض اللّوم عاذلتى فإنى ... ستغنينى التّجارب وانتسابى (١)

إلى عرق الثّرى وشجت عروقى ... وهذا الموت يسلبنى شبابى

وأخذ ذلك لبيد فى قوله:

فإن أنت لم تصدقك نفسك فانتسب ... لعلّك تهديك القرون الأوائل (٢)

فإن لم تجد من دون عدنان والدا ... ودون معدّ فلنزعك العواذل (٣)

/ وأخذه أيضا فى قوله:

تودّ ابنتاى أن يعيش أبوهما ... وهل أنا إلّا من ربيعة أو مضر! (٤)

ونظر إليه محمود الوارق وإبراهيم بن العباس الصولىّ؛ أما محمود ففى قوله:

إذا ما انتسبت إلى آدم ... فلم يك بينكما من أب

وجازت سنوك بك الأربعين ... وصرت إلى الجانب الأجنب


(١) ديوانه: ١٣٣.
(٢) ديوانه: ٨٨.
(٣) حاشية الأصل: «وجد بخط ابن السكيت رحمه الله: فلتزعك، ولتزعك (بضم الزاى فى الثانية وفتحها فى الأولى)؛ وهو من زاع يزوع
بمعنى وزع، وفلترعك من الروع، ووزع من الكف».
(٤) ديوانه: ١: ٢٨.