للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزّانى، قلت: بكم، قال: بعشرين، قلت: فحدّثنى (١) عن الجلد، أهو يد الجلّاد؟ قال:

لا، قلت: أفهو السّوط؟ قال: لا، قلت: فهو ظهر المجلود؟ قال: لا، قلت: أفهو الانفراج الّذي بين السّوط وظهر المجلود؟ قال: لا، قلت: أفثمّ شيء غير هذا هو الجلد؟ قال: لا، قلت: فإنما تقول أنّ لا شيء أكثر من لا شيء بعشرين! فانقطع.

وقال أبو الهذيل: قلت لمجوسىّ: ما تقول فى النار؟ قال: بنت الله، قلت: فالبقر؟ قال:

ملائكة الله؛ قصّ أجنحتها، وحطّها/ إلى الأرض يحرث عليها، فقلت: فالماء، قال: نور الله، قلت: فما الجوع والعطش؟ قال: فقر الشيطان وفاقته، قلت: فمن يحمل الأرض؟

قال: بهمن الملك، قلت: فما فى الدنيا شرّ من المجوس، أخذوا ملائكة الله فذبحوها، ثم غسلوها بنور الله، ثم شووها ببنت الله، ثم دفعوها إلى فقر الشيطان وفاقته، ثم سلحوها على رأس بهمن الملك أعزّ ملائكة الله! فانقطع المجوسى، وخجل مما لزمه.

ودخل أبو الهذيل يوما على الحسن بن سهل بفم الصّلح (٢)، وعنده فتى قد رفع مجلسه، فقال أبو الهذيل: من هذا الفتى الّذي قد رفعه الأمير، لنوفّيه بمعرفته حقّه؟ قال: رجل من أهل النجوم، قال: من أهل صناعة الحساب أم الأحكام؟ قال: الأحكام، قال: ذلك عمل يبطل، أفأسأله؟ قال: سل فأخذ أبو الهذيل تفاحة من بين يديه وقال: آكل هذه التفاحة أم لا؟ قال: تأكلها، فوضعها أبو الهذيل وقال: لست آكلها، قال: فتعيدها إلى يدك وأعيد النظر، فوضعها وأخذ غيرها، فقال له الحسن: لم أخذت غيرها؟ قال: لئلا يقول لى: لا تأكلها فآكلها خلافا عليه فيقول لى: قد أصبت فى المسألة الأولى.

وقال النعمان المناني يوما لأبى الهذيل: دلّ على حدوث العالم بغير الحركة والسكون، فقال له أبو الهذيل: مثلك مثل رجل قال لخصمه: احضر معى إلى القاضى ولا تحضر بيّنتك.


(١) حاشية ت (من نسخة): «فخبرنى».
(٢) فى حاشيتى الأصل، ت: «فم الصلح:
موضع قريب من واسط».