للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى يموت بن المزرّع لخاله عمرو بن بحر الجاحظ فى الجمّاز (١) يهجوه:

نسب الجمّاز مقصور إليه منتهاه

تنتهى الأحساب بالنّاس ولا تعدو قفاه

يتحاجى من أبو الجمّاز فيه كاتباه

ليس يدرى من أبو الجمّاز إلّا من يراه

/ أخبرنا المرزبانىّ قال: أخبرنا عليّ بن هارون قال أنشدنى وكيع قال أنشدنى أبو العيناء قال أنشدنى الجاحظ لنفسه فى الخضاب:

زرت فتاة من بنى هلال ... فاستعجلت إلى بالسّؤال

ما لي أراك قانئ السّبال ... كأنّما كرعت فى جريال (٢)

ما يبتغى مثلك من أمثالى ... تنحّ قدّامى ومن حيالى

قال سيدنا الشريف المرتضى أدام الله علوّه: قوله: «كأنما كرعت فى جريال» مليح قوىّ، ولا يشبه شعر الجاحظ للينه وضعف كلامه.

وذكر أبو العيناء قال حدثنى إبراهيم بن رياح قال أنشدنى الجاحظ يمدحنى:

بدا حين أثرى بإخوانه ... ففلّل عنهم شباة العدم

وذكّره الحزم ريب الزّمان ... فبادر بالعرف قبل النّدم

قال إبراهيم: فذاكرت بهما أحمد بن أبى دؤاد فقال: قد أنشدنيهما يمدحنى بهما، ثم لقيت محمد بن الجهم فقال: قد أنشدنيهما يمدحنى بهما، وقال يموت بن المزرّع: سمعت خالى الجاحظ يقول: لا أعرف شعرا يفضل قول أبى نواس:


(١) الجماز؛ لقب له؛ ومعناه الوثاب؛ واسمه محمد بن عمرو بن عطاء؛ شاعر أديب بصرى؛ وكان ماجنا خبيث اللسان ذا نادرة؛ وكان أكبر سنا من أبى نواس؛ دخل بغداد فى أيام المتوكل؛ وقد أعجب به المتوكل يوما فأمر له بعشرة آلاف درهم؛ فأخذها وانحدر، فمات فرحا بها؛ (تاريخ بغداد ٣: ١٢٥ - ١٢٦).
(٢) الكرع: أن يشرب الرجل بقية من النهر، والجريال: صفوة الخمر.