للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فجعل «أن تنبت» وهو مصدر خبرا عن الفتيان.

والوجه الثالث أن يكون المعنى: ولكن البرّ برّ من آمن؛ فحذف البرّ الثانى، وأقام «من» مقامه؛ كقوله تعالى: وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ؛ [البقرة: ٩٣]، أراد:

حبّ العجل، قال الشاعر:

وكيف تواصل من أصبحت ... خلالته كأبي مرحب (١)

أراد: كخلالة أبى مرحب؛ وقال النابغة:

/ وقد خفت حتّى ما تزيد مخافتى ... على وعل فى ذى المطارة عاقل (٢)

أراد على مخافة وعل. وتقول العرب: بنو فلان يطؤهم الطريق، أى أهل الطريق.

وحكى عن بعضهم: أطيب النّاس الزّبد، أى أطيب ما يأكل (٣) الناس الزّبد، وكذلك قولهم: حسبت صباحى زيدا، أى صباح زيد، وروى عن ابن عباس فى قوله تعالى:

لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ؛ [النور: ٦١]، أى ليس على من أكل مع الأعمى حرج، وفى قوله تعالى: رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ، [الكهف: ٢٢]، وذكروا أنه كان راعيا تبعهم.

فأما من كنى عنه بالهاء فى قوله تعالى: وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى ففيه وجوه أربعة:


- فى الصناعة أن يكون المبتدأ والخبر هو هو؛ أو ما يقوم مقام ذلك ويجرى مجراه؛ وهو احتراز من قولك مثلا: أبو يوسف أبو حنيفة؛ يعنى يقوم مقامه؛ فإذا كان كذلك فالواجب أن يكون الجزءان من المبتدأ والخبر جثتين أو حدثين؛ حتى لا ينخرم هذا الأصل الّذي أصلوه؛ فإذا وجدت شيئا من ذلك قد اختلف فإنما هو على ضرب من الاحتمال والمجاز؛ كقولك: الهلال الليلة؛ لأن التقدير حدوث الهلال الليلة؛ كأن التقدير: حدوث الهلال وقع الليلة؛ فالواقع هو الحدوث، والحدوث هو الواقع. والبيت المستشهد به، التقدير فيه: لعمرك ما فتوة الفتيان، فخذف المضاف وأقام المضاف مقامه، والتقدير: ما فتوة الفتيان نبتة اللحى».
(١) خلالته: مودته، وأبو مرحب كناية عن الظل، والبيت للنابغة الجعدى، وقبله:
وبعض الأخلّاء عند البلا ... ء والرّزء أروغ من ثعلب
وانظر اللسان (رحب).
(٢) ديوانه: ٦٤، ومعجم البلدان ٨: ٨٤. وذو المطارة:
اسم جبل؛ وعاقل: متحصن، وفى حواشى الأصل، ت، ف: «يمكن أن تجعل «ما» فى البيت زيادة، والتقدير: حتى تزيد: ويمكن أن يكون على القلب؛ أى ما تزيد مخافة وعل على مخافتى؛ وهو كثير، والوعل: الضأن الوحشى».
(٣) حاشية ت (من نسخة): «ما أكل الناس».