للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن منصور كانت تؤتى الإتاوة زهير بن جذيمة، ولم تكثر عامر بن صعصعة بعد، فهم أذلّ من يد فى رحم، فأتت عجوز من هوازن زهير بن جذيمة بسمن فى نحى، واعتذرت إليه، وشكت السنين اللّواتى تتابعت على الناس، فذاقه فلم يرض طعمه، فدعّها- أى دفعها- بقوس فى يده عطل (١)، فى صدرها، فسقطت فبدت عورتها، فغضبت من ذلك هوازن، وحقدته إلى ما كان فى صدرها (٢) من الغيظ، وكانت يومئذ قد أمرت بنو عامر بن صعصعة- أى كثرت- فآلى جعفر بن كلاب فقال: والله لأجعلنّ ذراعى هذه وراء عنقه (٣) حتى أقتل أو يقتل (٤)؛ وفى ذلك يقول خالد بن جعفر:

أريغونى إراغتكم فإنى ... وحذفة كالشجى تحت الوريد (٥)

/ مقرّبة أواسيها بنفسى ... وألحفها ردائى فى الجليد

لعلّ الله يمكننى عليها ... جهارا من زهير أو أسيد

فإمّا تثقفونى فاقتلونى ... فمن أثقف فليس إلى خلود (٦)

ويقال بل كان السبب فى ذلك أن زهير بن جذيمة لما قتل فى غنىّ من قتل بابنه شأس وافى عكاظ، فلقيه خالد بن جعفر بن كلاب- وكان حدثا- فقال: يا زهير، أما آن لك أن تشتفى وتكف! - يعنى مما قتل بشاس- فأغلظ له زهير وحقره، فقال خالد: اللهم أمكن يدى هذه الشعراء القصيرة من عنق زهير بن جذيمة، ثم أعنّي عليه، فقال زهير: اللهم أمكن يدى هذه البيضاء (٧) الطويلة من عنق خالد، ثم خلّ بيننا، فقالت قريش: هلكت


(١) قوس عطل: لا وتر عليها.
(٢) حاشية ت (من نسخة): «صدورها».
(٣) حاشية ت (من نسخة): «من وراء».
(٤) حاشية الأصل (من نسخة): «أو أقتله».
(٥) أريغونى؛ أى اطلبوا إلى، والشجا:
ما اعترض فى الحلق من عظم وغيره وفى حاشيتى ت، ف: «حذفة: اسم فرس خالد؛ وذكره الجوهرى فى صحاح اللغة، ويتخبل للناظر فيه أن
يكون معنى حذفة حذيفة بن بدر وقوله: «كالشجى تحت الوريد» شبه نفسه بالشجا، وجعل حذفة كالوريد؛ و «مقربة» فى البيت الثانى مفعول «اريغونى» فرسا مقربة، والله أعلم».
(٦) إما تثقفونى؛ أى إما تصادفونى؛ وفى اللسان: ثقفته ثقفا؛ أى صادفته؛ وأنشد:
فإمّا تثقفونى فاقتلونى ... فإن أثقف فسوف ترون بالى.
(٧) ت: «الشماء».