للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليس بها رمل ولا حجارة، قال: والجمع النّفاخى (١)، ونبت الرابية أحسن من نبت الأودية، لأن السيل يصرع الشجر فيقذفه فى الأودية، ثم يلقى عليه الدّمن (٢).

قال الشريف أدام الله علوّه: ومما يدل أن نبت الرابية أحسن قول الأعشى:

ما روضة من رياض الحزن معشبة ... خضراء جاد عليها مسبل هطل (٣)

وقال كثيّر:

فما روضة بالحزن طيّبة الثرى ... يمجّ النّدى جثجاثها وعرارها (٤)


(١) فى حاشيتى ت، ف: «قال الجوهرى: النبخاء: الأكمة، والنفخاء من الأرض مثل النبخاء، وأقوت الدار وقويت؛ أى خلت».
(٢) فى حاشيتى الأصل، ف: «الدمن: جمع دمنة؛ وهو ما يتلبد من التراب والقش وكسار العيدان؛ والخبر فى (مجالس ثعلب ٣٤٣، والمخصص ١٠: ١٤٣، واللسان- نبخ، نفخ).
(٣) حواشى الأصل، ت، ف: «بعده:
يضاحك الشمس منها كوكب شرق ... مؤزّر بعميم النّبت مكتهل
يوما بأطيب منها نشر رائحة ... ولا بأحسن منها إذ دنا الأصل
- كوكب الشيء: معظمه، والنبت إذا عم وكثر قيل اكتهل، وقوله: «إذا دنا الأصل»، يعنى أن الزهر إذا كان فى الأصيل كان أحسن للبعد عن برد الغداة». والأبيات فى ديوانه: ٤٣.
(٤) حواشى الأصل، ت، ف: «الجثجاث والعرار: نبتان، وبعده:
بأطيب من أردان عزّة موهنا ... وقد أوقدت بالمندل الرطب نارها
وللبيتين قصة؛ وهى أن كثيرا أقبل ذات وم راكبا، فاعترضت له فى الطريق عجوز قد أوقدت فى روثة، فتضجر عليها كثير، وتأفف فى وجهها؛ فقالت: أنت القائل:
فما روضة بالحزن طيّبة الثّرى ... يمجّ النّدى جثجاثها وعرارها
بأطيب من أردان عزّة موهنا ... وقد أوقدت بالمندل الرّطب نارها
قال: نعم؛ قالت: والله لو أوقد بالمندل على هذه الروثة لطابت! هلا قلت كما قال سيدك ومولاك امرؤ القيس:
ألم تريانى كلّما جئت طارقا ... وجدت بها طيبا وإن لم تطيّب!
فانكسر كثير وخجل. وقيل إنه أعطاها مطرفا كان معه وقال: «استريه على»؛ (وانظر ديوان امرئ القيس ٧٣، وديوان كثير ١: ٩٣).