للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يغمز السّاق من أين ولا وصب ... ولا يعضّ على شرسوفه الصّفر (١)

أراد: ليس بساقه أين ولا وصب فيغمزهما من أجلهما؛ وقال سويد بن أبى كاهل:

من أناس ليس من أخلاقهم ... عاجل الفحش ولا سوء الجزع (٢)

ولم يرد أنّ فى أخلاقهم فحشا آجلا (٣) ولا جزعا (٤)؛ وإنما أراد نفى الفحش والجزع عن أخلاقهم. ومثل ذلك قولهم: فلان غير سريع إلى الخنا، وهم يريدون أنّه لا يقرب الخنا، لا نفى الإسراع حسب. وقال الفرزدق وهو يهجو ابنى جعفر بن كلاب، ويعيّرهم بقتلى منهم أصيبوا فى حروبهم، فحملت النساء هؤلاء القتلى حتى أتين بهم الحىّ (٥):

ولم تأت عير أهلها بالذّي (٦) أتت ... به جعفرا يوم الهضيبات عيرها (٧)

أتتهم بعير لم تكن هجرية ... ولا حنطة الشام المزيت خميرها

يعنى أنّ العير إنما تحمل التمر أو الطعام إلى الحى، فحملت عير هؤلاء القوم القتلى، وقوله:

«لم تكن هجرية»؛ أى لم تحمل التمر، وذلك لكثرة التمر بهجر، ثم قال: «ولا حنطة الشام المزيت خميرها»، ولم يرد أن هناك حنطة ليس فى خميرها زيت؛ لكنه أراد أنها لم لم تحمل تمرا ولا حنطة، ثم وصف الحنطة وما يجعل فى خميرها من الزيت.


(١) كذا فى جميع الأصول؛ وهو يوافق ما فى اللآلئ: ٧٥، والكامل- بشرح المرصفى ٨: ٢١٢؛ ورواية جمهرة الأشعار ٢٨٢؛ وفى ملحقات ديوان الأعشى ٢٦٨:
لا يتأرّى لما فى القدر يرقبه ... ولا يعضّ على شرسوفه الصّفر
لا يغمز السّاق من أين ولا وصب ... ولا يزال أمام القوم يقتفر
وهى توافق رواية المؤلف فيما بعد. والتأرى: التحبس والمكث، والصفر: حية فى البطن تعض الشرسوف إذا جاع صاحبه. ولا يغمز الساق: لا يحنيها والاقتفار: أن يؤكل الخبز قفارا.
(٢) المفضليات: ١٩٥.
(٣) ت، د: «فحشا عاجلا ولا آجلا».
(٤) ت، د، ف: «ولا جزعا غير سيئ».
(٥) ديوانه ٢: ٤٥٩.
(٦) ت، د، ونسخة بحاشيتى الأصل، ف: «كالذى».
(٧) الهضيبات: موضع كان فيه يوم من أيام العرب؛ هو يوم طخفة؛ ذكره البكرى فى معجم ما استعجم: ١٣٥٤، وأورد البيت.