للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا عاش الفتى مائتين عاما ... فقد ذهب اللّذاذة والفتاء (١)

قال: قد رويت هذا من شعرك وأنا غلام، وأبيك يا ربيع، لقد طلبك (٢) جدّ غير عاثر، ففصّل لى عمرك، قال: عشت مائتى سنة فى فترة عيسى عليه السلام، وعشرين ومائة فى الجاهلية، وستين سنة/ فى الإسلام. قال: أخبرنى عن فتية من قريش متواطئى الأسماء، قال: سل عن أيّهم شئت، قال: أخبرنى عن عبد الله بن العباس، قال: فهم وعلم، وعطاء جذم (٣)، ومقرى ضخم. قال: فأخبرنى عن عبد الله بن عمر قال: حلم وعلم، وطول كظم، وبعد من الظّلم. قال: فأخبرنى عن عبد الله بن جعفر، قال: ريحانة طيّب ريحها، ليّن مسّها، قليل على المسلمين ضرّها. قال: فأخبرنى عن عبد الله بن الزّبير، قال: جبل وعر، ينحدر (٤) منه الصّخر. قال: لله درّك يا ربيع! ما أعرفك بهم! قال: قرب جوارى، وكثر استخبارى.

قال سيدنا الشريف الأجلّ المرتضى أدام الله علوّه: إن كان هذا الخبر صحيحا فيشبه أن يكون سؤال عبد الملك له إنما كان فى أيام معاوية، لا فى أيام ولايته، لأن الربيع يقول فى الخبر:

«عشت فى الإسلام ستين سنة» (٥)، وعبد الملك ولى فى سنة خمس وستين من الهجرة، فإن كان صحيحا فلا بد مما ذكرناه؛ فقد روى أن الرّبيع أدرك أيام معاوية؛ ويقال: إن الربيع لما بلغ مائتى سنة قال:


(١) البيت من شواهد الرضى على الكافية، وهو فى (الخزانة ٣: ٣٠٦)، أورده شاهدا على أنه قد يفرد مميز المائة وينصب؛ وأورده سيبويه فى موضعين: الأول فى باب الصفة المشبهة بالفاعل وذكر أسماء العدد وعملها فى الأسماء؛ (الكتاب ١: ١٠٦)، والثانى فى باب كم (١: ٣٠٦).
وأورده ابن قتيبة فى (أدب الكاتب: ٢٩٥)، فى باب «أسماء يتفق لفظها وتخلف معانيها»، قال:
«والفتاء من السن ممدود، وروى البيت، وذكره البطليوسى فى الاقتضاب: ٣٦٩، وأورد بيتين بعده.
(٢) من نسخة بحاشيتى الأصل، ت: «لقد طار بك».
(٣) من نسخة بحاشيتى الأصل، ت: «حذم»، بالحاء، وأصل الحذم الإسراع.
(٤) حاشية الأصل (من نسخة): «يتحدر منه»، وفى حاشية ت (من نسخة): «ينحدر عنه.
(٥) ت: «حجة».