للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان المقطوع اليد؛ فإنّ هذا المعنى لا يليق بهذا الموضع. قال: لأنّ العقوبات من الله تعالى لا تكون إلا وفقا للذّنوب وبحسبها، واليد لا مدخل لها فى نسيان القرآن، فكيف تعاقب فيه! واستشهد بقوله تعالى: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ [البقرة: ٢٧٥]، وزعم أن تأويل الآية أن الرّبا إذا أكلوه ثقل فى بطونهم، وربا فى أجوافهم؛ فجعل قيامهم مثل قيام (١) من يتخبّطه الشيطان تعتّرا وتخبّلا. واستشهد أيضا بما روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: «رأيت ليلة أسرى بى قوما تقرض شفاههم، وكلّما قرضت وفت، فقال لى جبريل: هؤلاء خطباء أمّتك، تقرض (٢) شفاههم؛ لأنهم يقولون ما لا يفعلون». قال:

والأجذم فى الخبر إنما هو المجذوم؛ وإنما جاز أن يسمّى المجذوم أجذم؛ لأن الجذام يقطّع أعضاءه ويشذّ بها؛

والجذم هو القطع.

قال الشريف المرتضى رضى الله عنه: قد أخطأ الرجلان جميعا، / وذهبا عن الصواب ذهابا بعيدا، وإن كان غلط ابن قتيبة أفحش وأقبح؛ لأنه علّل غلطه، فأخرجه إلى أغاليط كثيرة؛ ونحن نبيّن معنى الخبر ثم نتكلّم على ما أورداه.

أما معنى الخبر فهو ظاهر لمن كان له أدنى معرفة بمذاهب العرب فى كلامها؛ وإنما أراد عليه السلام بقوله: يحشر أجذم؛ المبالغة فى وصفه بالنقصان عن الكمال، وفقد ما كان عليه بالقرآن من الزينة والجمال. والتشبيه له بالأجذم من حسن التشبيه وعجيبه؛ لأن اليد من الأعضاء الشريفة التى لا يتمّ كثير من التصرّف ولا يوصل إلى كثير من المنافع إلا بها؛ ففاقدها


بها، وأقام بالدينور مدة فنسب إليها، وحدت ببغداد عن إسحاق بن راهويه وطبقته، وروى عنه ولده أحمد وابن درستويه؛ توفى سنة ٢٧٦؛ وكتابه فى غريب الحديث ذكره ابن الأثير فقال:
«فصنف كتابه المشهور فى غريب الحديث والآثار؛ حذا فيه حذو أبى عبيد، ولم يودعه شيئا من الأحاديث المودعة فى كتاب أبى عبيد؛ إلا ما دعت إليه حاجة من شرح وبيان واستدراك، فجاء كتابه مثل كتاب أبى عبيد أو أكبر». (وانظر إنباه الرواة ٢: ١٤٣ - ١٤٧، والنهاية لابن الأثير ١ - ٥، وكشف الظنون ١٢٠٤).
(١) ساقطة من ف.
(٢) كذا ضبطت بالقلم فى الأصل، وفى ت، ش: «تقرض» بضم التاء وفتح القاف وتشديد الراء المفتوحة.