للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه ففعل ذلك بأمره وعن إذنه فإنّه يعذّب بالنياحة عليه؛ وليس معنى يعذّب بها أنه يؤاخذ بفعل النّواح، وإنما معناه أن يؤاخذ بأمره بها ووصيته بفعلها، وإنما قال صلى الله عليه وآله ذلك لأنّ الجاهلية كانوا يرون البكاء

عليهم والنوح فيأمرون به، ويؤكدون الوصية بفعله وهذا مشهور عنهم؛ قال طرفة بن العبد:

فإن متّ فانعينى بما أنا أهله ... وشقّى عليّ الجيب يا أمّ معبد (١)

وقال بشر بن أبى خازم لابنته عميرة (٢):

فمن يك سائلا عن بيت بشر ... فإنّ له بجنب الرّدة بابا (٣)

ثوى فى ملحد لا بدّ منه ... كفى بالموت نأيا واغترابا (٤)

رهين بلى وكلّ فتى سيبلى ... فأذرى الدّمع وانتجى انتحابا

وقد روى عن ابن عباس فى هذا الخبر أنه قال: وهل (٥) ابن عمر، إنما مرّ رسول الله صلى الله عليه وآله على يهودىّ فقال: «إنّكم لتبكون عليه، وإنه ليعذّب فى قبره».

وقد روى إنكار هذا الخبر أيضا عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وآله، وأنها قالت لما أخبرت بروايته: وهل أبو عبد الرحمن كما وهل يوم قليب بدر، إنما قال عليه السلام: «إن أهل الميت ليبكون عليه، وإنه ليعذب بجرمه» /


(١) المعلقة ٩٦ - بشرح التبريزى. والرواية فيها:
* وشقّى عليّ الجيب يا ابنة معبد*.
(٢) مختارات ابن الشجرى ٢: ٣٢؛ من قصيدة قالها وهو يجود بنفسه بعد أن طعنه غلام من بنى وائلة بسهم فأثخنه، ومطلعها:
أسائلة عميرة عن أبيها ... خلال الجيش تعترف الرّكابا.
(٣) الرده: جمع ردهة؛ وهى نقرة فى صخرة يستنقع فيها الماء.
(٤) فى مختارات ابن الشجرى:
«هوى فى ملحد».
(٥) فى حواشى الأصل، ت، ف: «قال أبو زيد: وهلت [بكسر الهاء] فى الشيء وعنه أوهل وهلا [بفتحتين] إذا غلطت فيه، ووهلت [بفتح الهاء] إلى الشيء أهل وهلا [بسكون الهاء] إذا ذهب وهمك إليه، ووهلت [بكسر الهاء] أوهل وهلا [بفتحتين]: فزعت».