للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لعمر أبى عمرو لقد ساقه المنى ... إلى جدث يوزى له بالأهاضب (١)

وقال ابن الأعرابىّ: ساقه المنى، أى ساقه القدر؛ وأنشد ابن الأعرابىّ:

منت لك أن تلاقينى المنايا ... أحاد أحاد فى الشّهر الحلال (٢)

معناه قدّرت لك.

وقال أبو عبيدة فى قوله تعالى: مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى؛ [النجم: ٤٦]، معناه إذا تخلق وتقدّر.

وقال بعض أهل اللغة: إنّما سمى «منّى» لما يمنى فيه من ثواب الله تعالى؛ أى يقدّر فيه؛ وقيل أيضا بما يمنى فيه من الدّم (٣)؛ وقيل: إنما سمى بذلك لأن إبراهيم عليه السلام لما انتهى إليه قال له الملك: تمنّ، قال: أتمنّى الجنة، فسمى منى لذلك. ومنى يذكر ويؤنث، والتذكير أجود، قال الشاعر فى التذكير:

/ سقى منى ثم روّاه وساكنه ... ومن ثوى فيه واهى الودق منبعق (٤)

وقال آخر فى التأنيث:

ليومنا بمنى إذ نحن ننزلها ... أسرّ من يومنا بالعرج أو ملل (٥)


(١) البيت مطلع قصيدة لصخر الغى، يرثى أخاه أبا عمرو بن عبد الله، وقد نهشته حية فمات؛ (ديوان الهذليين ٢: ٥١ - ٥٧). وفى حواشى الأصل، ت، ف: «يؤزى، من الإزاء، والإزاء: مصب الماء فى الحوض، يقال: أزيت الحوض [بالتضعيف]، وآزيته، والإزاء للقبر فى الحقيقة؛ إلا أنه على الاستعارة.
ويجوز أن يكون الضمير فى «له» للمرثى؛ أى يهيأ له؛ هذا إذا همزت «يؤزى»؛ وهو قول الأصمعىّ، فأما إذا لم تهمزه فمعنى يؤزى ينصب ويشخص؛ يقال: أوزى ظهره إلى الحائط؛ أى أسنده ويقال: هضبة وهضبات وهضاب وأهضاب وأهاضب وأهاضيب».
(٢) اللسان (منى)، وفى حاشية الأصل:
«أى قدرت المنايا ملاقاتها إياى لأجلك».
(٣) المراد بيمنى هاهنا: يراق.
(٤) الودق: المطر، والواهى: المندفع بالماء، وكذلك المنبعق، وفى حاشيتى الأصل، ف: «جعل للسحاب سقاء، ثم جعله واهى العقد، فهو أشد إرسالا، وهذا مثل».
(٥) العرج: موضع قريب من الطائف، وإليه ينسب العرجىّ الشاعر، وهو عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان. وملل: موضع فى طريق مكة.