للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وباه تميما بالغنى إنّ للغنى ... لسانا به العىّ الهيوبة ينطق (١)

فإنّ جميع النّاس؛ إمّا مكذّب ... يقول بما يهوى، وإما مصدّق (٢)

يقولون أقوالا ولا يعلمونها ... فإن قيل هاتوا حقّقوا لم يحقّقوا

وهذه الأبيات تروى لأبى الأسود الدّؤليّ، وأنه كتب بها إلى حارثة لما ردّت إليه سرّق، ويزاد فيها:

وكن حازما فى اليوم إنّ الّذي به ... يجئ غد يوم على الناس مطبق (٣)

ولا تعجزن فالعجز أوطأ مركب ... وما كلّ من يدعو إلى الخير يرزق

إذا ما دعاك القوم عدوّك آكلا ... وكل حار أوجع؛ لست ممّن يحمّق

ويقال إن حارثة بن بدر أجاب عن هذه الأبيات بقوله:

جزاك إله الناس خير جزائه ... فقد قلت معروفا وأوصيت كافيا

أشرت بأمر لو أشرت بغيره ... لألفيتنى فيه لرأيك عاصيا (٤)

ويقال إن حارثة بن بدر والأحنف بن قيس دخلا على ابن زياد، فقال لحارثة: أىّ الشراب أطيب؟ وكان يتّهم (٥)، فقال: برّة طاسارية، وأقطة غنويّة، وسمنة عنبريّة، وسكّرة سوسية، ونطفة مسرقانيّة (٦). فقال للأحنف: يا أبا بحر، ما أطيب الشراب؟ قال:


(١) الهيوية: الّذي يهاب الناس؛ والهاء فيه لتأكيد المبالغة.
(٢) حاشية الأصل (من نسخة):
«تهوى».
(٣) حاشية الأصل: «يقال غمام مطبق؛ أى ذو طبق؛ وقد أطبقت السماء».
(٤) البيتان فى الأغانى ٢١: ٢٣، وبعدهما:
ستلقى أخا يصفيك بالودّ حاضرا ... ويوليك حفظ الغيب إن كنت نائيا.
(٥) ت، ومن نسخة بحاشية الأصل: «وكان بينهم».
(٦) حواشى الأصل، ت، ف: «ذكره يزيد بن مفرغ الحميرىّ:
سقى هزم الأوساط منبجس العرا ... منازلها من مسرقان فسرّقا
- هزم الأسواط؛ أى مجلجل بالرعد، وهزيم الرعد: صوته، وأوساطه؛ أى أوساط السحاب».