حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً؛ [البقرة: ٢٤٥] وكما قال عز وجل: إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ؛ [التغابن: ١٧]، وكما قال تعالى: لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ؛ [فاطر: ٣٠].
وسادسها أن يكون المعطى منّا غيره شيئا والرازق سواه رزقا قد يكون له ذلك، فيكون فعله حسنا لا يسأل عنه، ولا يؤاخذ به، ولا يحاسب عليه؛ وربما لم يكن له ذلك، فيكون فعله قبيحا يؤاخذ به، ويحاسب عليه، فنفى الله تعالى عن نفسه أن يفعل من الرزق القبيح، وما ليس له أن يفعله بنفى الحساب عنه، وأنبأ أنه لا يرزق ولا يعطى إلا على أفضل الوجوه وأحسنها وأبعدها من الذمّ؛ وتجرى الآية مجرى قوله تعالى: لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ؛ [الأنبياء: ٢٣]، وإنما أراد أنه تعالى من حيث وقعت أفعاله كلّها حسنة غير قبيحة لم يجز أن يسأل عنها/ وإن سئل العباد عن أفعالهم، لأنهم يفعلون الحسن والقبيح معا.
وسابعها أنّ الله تعالى إذا رزق العبد وأعطاه من فضله كان الحساب عن العبد ساقطا من جهة الناس، فليس لأحد أن يقول له: لم رزقت؟ ولا يقول لربه: لم رزقته؟
ولا يسأله ربّه عن الرزق، وإنما يسأله عن إنفاقه فى الوجوه التى ينفقه فيها، فيسقط (١) الحساب من هذه الوجوه عمّا يرزقه الله تعالى، ولذلك قال تعالى: بِغَيْرِ حِسابٍ.
وثامنها أن يكون المراد ب مَنْ يَشاءُ أن يرزقه من أهل الجنة، لأنه يرزقهم رزقا لا يصحّ أن يتناول جميعه الحساب، ولا العدد والإحصاء من حيث لا نهاية له ولا انقطاع للمستحقّ منه؛ ويطابق هذه الآية قوله تعالى فى موضع آخر: فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ؛ [غافر: ٤٠].