للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فسلّمت، فلم يردّا عليّ السلام، فقلت (١):

ألا أبلغا عنّى عراك بن مالك ... فإن أنت لم تفعل فأبلغ أبا بكر (٢)

فقد جعلت تبدو شواكل منكما ... فإنّكما بى موقران من الصّخر (٣)

وطاوعتما بى غادرا ذا معاكة ... لعمرى لقد أورى وما مثله يورى (٤)

- يقال: معك به وسدل به [إذا تعرّض له بشرّ] (٥) -

فلولا اتّقاء الله اتّقائى فيكما ... للمتكما لوما أحرّ من الجمر (٦)

فمسّا تراب الأرض، منها خلقتما ... وفيها المعاد والمقام إلى الحشر

ولا تأنفا أن تغشيا فتكلّما ... فما حشى الأقوام شرّا من الكبر (٧)

ولو شئت أدلى فيكما غير واحد ... علانية أو قال عندى فى السّرّ (٨)

/- معناه: لو شئت اغتابكما عندى غير واحد-

فإن أنا لم آمر ولم أنه عنكما ... ضحكت له حتّى يلجّ ويستشرى (٩)

وكيف تريدان ابن سبعين حجّة ... على ما أنى وهو ابن عشرين أو عشر (١٠)


(١) الخبر بروايته عن ابن شهاب فى (الأغانى ٨: ٩١ - ٩٢)، وفيه رواية أخرى أيضا ص ٩١ عن ابن إدريس: «كان عراك بن مالك وأبو بكر بن حزم وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة يتجالسون بالمدينة زمانا؛ ثم إن ابن حزم ولى إمرتها، وولى عراك القضاء، وكانا يمران بعبيد الله فلا يسلمان عليه ولا يقفان- وكان ضريرا- فأخبر بذلك فأنشأ يقول ... »، وأورد الأبيات.
(٢) حاشية ت (من نسخة): «ألا أبلغن».
(٣) الشواكل: جمع شاكلة؛ وهى الخاصرة، وأراد بها هاهنا أمورا ينكرها. وبى؛ أى بمكانى.
(٤) فى حاشيتى الأصل، ف: «قوله: «وطاوعتمانى» فى حيز التشبيه؛ يقول: كأنكما موقران، وكأنكما إذ طاوعتمانى طاوعتما غادرا عريضا. ثم قال: لعمرى لقد أورى هذا الفعل منكما؛ أى فسد؛ من ورى جوفه؛ أو أوقد- يعنى شرا، أى أثر وكنت لا أتأثر بمثل ذلك».
(٥) ت: «إذا تعرض به لشر».
(٦) حاشية ف: «أى لولا اتقائى بتقى الله للمتكما؛ وهو مثل؛ ويجوز أن يكون قوله: «اتقائى» مفعولا له؛ أى للاتقاء.
(٧) ت، حاشية الأصل (من نسخة): «تكلما»، بكسر اللام المشددة وفى حاشية الأصل أيضا (من نسخة): «أن ترجعا فتسلما».
(٨) من نسخة بحاشيتى الأصل، ت: «عندى فى سر». يقال: أدلى فلان فى فلان إذا قال فيه قولا قبيحا.
(٩) الضمير فى «له» يعود إلى المغتاب، واستشرى فى الأمر: لج فيه؛ أى يجترئ ويظهر؛ وأصل الكلمة الاستخراج.
(١٠) يريد أن يقول: كيف تريد اثنى على ما امتنعت عنه وأنا صبى! .