للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قد كنت تقصّر فى الجواب عن فنون العلم فاليوم ما تعجزك مسألة، ولا تتوقّف عن مشكلة؛ يريد باليوم باقى الزمان كله، وقال امرؤ القيس:

حلّت لى الخمر وكنت امرأ ... عن شربها فى شغل شاغل (١)

فاليوم فاشرب غير مستحقب ... إثما من الله ولا واغل (٢)

لم يقصد يوما بعينه؛ ومثله:

/ اليوم يرحمنا من كان يغبطنا ... واليوم نتبع من كانوا لنا تبعا

وقال لبيد:

وما النّاس إلّا كالدّيار وأهلها ... بها يوم حلّوها، وغدوا بلاقع (٣)

كل ذلك لا يراد بذكر اليوم أو الغد فيه إلا جميع الأوقات المستقبلة.

ورابعها أن يكون المراد: لا تثريب عليكم البتّة، ثم قال: الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ؛ فتعلّق «اليوم» بالغفران، وكان المعنى غفر الله لكم اليوم (٤).

وقد ضعّف قوم هذا الجواب من جهة أن الدعاء لا ينصب ما قبله.

فأما التثريب فإن أبا عبيدة قال: معناه لا شغب ولا معاقبة ولا إفساد (٥).

وقال الشاعر:

فعفوت عنهم عفو غير مثرّب ... وتركتهم لعقاب يوم سرمد


(١) ديوانه: ١٥٠. وفى شرح الديوان: «كان حلف ألا يشرب خمرا، ولا يأكل لحما، ولا يغسل رأسا؛ حتى يدرك بثأر أبيه؛ وكذلك كانت العرب تفعل؛ فلما أخذ بثأر أبيه شربها فبرت يمينه».
(٢) حاشية ت (من نسخة): «أشرب» بسكون الباء؛ ورواية الديوان:
* فاليوم أسقى غير مستحقب*
المستحقب: المكتسب للإثم الحامل له. والواغل: الّذي يدخل على القوم وهم يشربون فيشرب معهم من غير دعوة.
(٣) ديوانه ٢: ٢٢.
(٤) حواشى الأصل، ت، ف: «لم لا يكون إخبارا محضا بالغفران حتى لا يعترض بذلك! وله وجه آخر وهو أن المعنى: اليوم أقول لكم هذا القول الّذي هو يغفر الله لكم فاختصر».
(٥) حاشية ت (من نسخة): «فساد».