للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حيث كانوا متمكّنين من مفارقة طريقتهم فى الاستعجال، وقادرين على التثبّت والتأيّد.

وثانيها ما أجاب به أبو عبيدة وقطرب بن المستنير وغيرهما من أنّ فى الكلام قلبا، والمعنى: خلق العجل من الإنسان، واستشهد على ذلك بقوله تعالى: وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ؛ [آل عمران: ٤٠]، أى قد بلغت الكبر، وبقوله تعالى: ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ؛ [القصص: ٧٦]، والمعنى: إن العصبة تنوء بها، وتقول العرب: عرضت الناقة على الحوض، وإنما هو عرضت الحوض على الناقة، وقولهم: إذا طلعت الشّعرى استوى العود على الحرباء؛ يريدون استوى الحرباء على العود؛ وبقول الأعشى:

/ لمحقوقة أن تستجيبى لصوته ... وأن تعلمى أنّ المعان موفّق (١)

يريد أن الموفّق معان.

وبقول الآخر:

على العيارات هدّاجون قد بلغت ... نجران، أو بلغت سوءاتهم هجر (٢)

والمعنى: أنّ السوءات هى التى بلغت هجر.

وبقول خداش بن زهير:

ونركب خيلا لا هوادة بينها ... وتشقى الرّماح بالضياطرة الحمر (٣)


(١) ديوانه: ١٤٩، وفى حاشيتى الأصل، ف: «قبله:
وإن امرأ أهداك بينى وبينه ... فياف: تنوفات ويهماء خيفق
لمحقوقة ... البيت؛ يخاطب ناقة أهديت له، فيقول لها: أنت محقوقة بأن تستجيبى لصوته. تنوفات:
جمع تنوفة؛ وهى المفازة، وخيفق، يخفق فيها الآل».
(٢) البيت للأخطل، ديوانه ١٠، والهدج: مشى فى ارتعاش.
(٣) جمهرة الأشعار: ١٩٣، واللسان (ضطر). والضياطرة: الضخام الذين لا غناء عندهم؛ وفى اللسان: «قال ابن سيده: يجوز أن يكون عنى أن الرماح تشقى بهم؛ أى أنهم لا يحسنون حملها ولا الطعن بها، ويجوز أن يكون على القلب، أى تشقى الضياطرة الحمر بالرماح؛ يعنى أنهم يقتلون بها والهوادة:
المصالحة والموادعة».