للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لم تكن منهما بالزّنا، بل كانت إحداهما تخبر الناس بأنه مجنون؛ والأخرى تدل على الأضياف؛ والمعتمد فى تأويل الآية هو الوجهان المتقدمان.

فأما قوله تعالى: إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فالقراءة المشهورة بالرفع، وقد روى عن جماعة من المتقدمين أنهم قرءوا: إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ بنصب اللام وكسر الميم ونصب «غير»؛ ولكل وجه.

فأما الوجه فى الرفع فيكون على تقدير أن ابنك ذو عمل غير صالح؛ وصاحب عمل غير صالح؛ فحذف المضاف، وأقام المضاف إليه مقامه؛ وقد استشهد على ذلك بقول الخنساء:

ما أمّ سقب على بوّ تطيف به ... قد ساعدتها على التّحنان أظآر (١)

ترتع ما رتعت حتى إذا ذكرت ... فإنما هى إقبال وإدبار (٢)

أرادت إنما هى ذات إقبال وإدبار.

وقال قوم: إن المعنى أصل ابنك هذا الّذي ولد على فراشك وليس بابنك فى الحقيقة [عمل غير صالح، يعنى الخيانة من امرأته، وهذا جواب من ذهب إلى أنه لم يكن ابنه على الحقيقة] (٣) والّذي اخترناه خلاف ذلك.

وقال آخرون إن الهاء فى قوله: إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ راجعة إلى السؤال؛ والمعنى:


(١) ديوانها: ٧٨؛ وروايته:
فما عجول على برّ تطيف به ... لها حنينان: إصغار وإكبار
والسقب: الذكر من ولد الناقة. والبو: أن ينحر ولد الناقة ويؤخذ جلده فيحشى ويدنى من أمه فتر أمه والتحنان: الحنين. والأظئار: جمع ظئر؛ وهى التى تعطف على ولد غيرها.
(٢) بعدهما:
لا تسمن الدّهر فى أرض وإن ربعت ... فإنما هى تحنان وتسجار
يوما بأوجد منّى يوم فارقنى ... صخر، وللدّهر إحلاء وإمرار.
(٣) ساقط من م.