للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورابعها [جواب] (١) يحكى عن الحسن البصرىّ، واختاره الطبرىّ وقدّمه على غيره، وهو أن يكون المراد بذلك ما ألزمه هؤلاء الكفار من الفرائض والحقوق فى أموالهم؛ لأن ذلك يؤخذ منهم على كره، وهم إذا أنفقوا فيه أنفقوا بغير نيّة ولا عزيمة؛ فتصير نفقتهم غرامة وعذابا من حيث لا يستحقون عليها أجرا.

[قال السيد قدس الله روحه: وهذا وجه غير صحيح؛ لأن الوجه فى تكليف الكافر إخراج الحقوق من ماله كالوجه فى تكليف المؤمن ذلك؛ ومحال أن يكون إنما كلّف إخراج هذه الحقوق على سبيل العقاب والجزاء؛ لأن ذلك لا يقتضي وجوبه عليه] (٢)؛ والوجه فى تكليف الجميع هذه الأمور هو المصلحة واللطف فى التكليف.

ولا يجرى ذلك مجرى ما قلناه فى الجواب الّذي قبل هذا؛ من أن المصائب والغموم قد تكون للمؤمنين محنة، وللكافرين عقوبة؛ لأن تلك الأمور مما يجوز أن يكون وجه حسنها العقوبة والمحنة جميعا؛ ولا يجوز فى هذه الفرائض أن يكون لوجوبها على المكلّف إلا وجه واحد، وهو المصلحة فى الدّين، فافترق الأمران.

وليس لهم أن يقولوا: / ليس التعذيب فى إيجاب الفرائض عليهم؛ [وإنما هو لإخراجهم أموالهم على وجه التكرّه والاستثقال] (٣)؛ وذلك أنه إذا كان الأمر على ما ذكروه خرج من أن يكون مرادا لله تعالى؛ لأنه جلّ وعز ما أراد منهم إخراج المال على هذا الوجه، بل على الوجه الّذي هو طاعة وقربة؛ فإذا أخرجوها متكرّهين مستثقلين لم يرد ذلك؛ فكيف يقول: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها! ويجب أن يكون ما يعذبون به شيئا يصحّ أن يريده الله تعالى.

وجميع هذه الوجوه التى حكيناها فى الآية- إلا جواب التقديم والتأخير- مبنيّة على أنّ


(١) من ف.
(٢) ساقط من الأصل، وما أثبته عن ف.
(٣) ف: «وإنما هو فى إخراجهم لأموالهم على وجه التكره والاستثقال».