للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

/ قال هجّدنا فقد طال السّرى ... وقدرنا إن خنى الدّهر غفل (١)

قلّما عرّس حتّى هجته ... بالتّباشير من الصّبح الأول (٢)

يلمس الأحلاس فى منزله ... بيديه كاليهودىّ المصلّ (٣)

يتمارى فى الّذي قلت له ... ولقد يسمع قولى حيّهل (٤)

ومن ذلك قول ذى الرمة:

وليل كأثناء الرّويزىّ جبته ... بأربعة، والشّخص فى العين واحد (٥)

- والرّويزىّ، هو الطيلسان. وقد روى أيضا: «كجلباب العروس ادّرعته»؛ وكل ذلك وصف له بالسواد؛ لأن الطيلسان أسود، وجلباب العروس أخضر، والعرب تجمع بين الخضرة والسواد-

أحمّ علافىّ، وأبيض صارم، ... وأعيس مهريّ، وأشعث ماجد (٦)


(١) هجدنا؛ من التهجيد؛ وهو هنا بمعنى النوم؛ أى دعنا ننام. والسرى: سير عامة الليل وقدرنا، أى وقدرنا على ورود الماء، أو قدرنا على التهجيد، أو على السير. وخنى الدهر: آفته وفساده؛ أى إن غفل عنا فساد الدهر فلم يعقنا.
(٢) قلما؛ ما المتصلة بقل كافة لها عن طلب الفاعل؛ وتجعلها بمنزلة ما النافية فى الأغلب؛ وهنا لإثبات القلة. والتعريس: النزول فى آخر الليل للاستراحة: وهجته:
أيقظته من النوم، وهاج يهيج: يجئ لازما ومتعديا. وبالتباشير، أى بظهورها. والتباشير: أوائل الصبح، جمع تبشير. والأول: صفة التباشير؛ وهو جمع أولى مؤنث الأول.
(٣) يلمس الأحلاس؛ يطلبها، والأحلاس: جمع حلس؛ وهو كساء رقيق يكون على ظهر البعير تحت رحله. وقوله: «كاليهودىّ المصل»؛ قال فى حاشية الأصل: «شبهه باليهودىّ لأنه يسجد على شق وجهه، وأصل ذلك أنهم لما نتق الجبل فوقهم قيل لهم: إما أن تسجدوا وإما أن يلقى عليكم، فسجدوا على شق واحد مخافة أن يسقط عليهم الجبل؛ فصار عندهم سنة إلى اليوم». وكذا جاء فى شرح الطوسى.
(٤) التمارى: المجادلة. وحيهل: اسم فعل بمعنى أسرع وعجل؛ وهذه الأبيات أوردها صاحب الخزانة (٢: ٢٨) نقلا عن الغرر.
(٥) ديوانه: ١٢٩. أى لا تتفاوت الشخوص والألوان فيه لظلمته.
(٦) يقول: جبت الليل بأربعة؛ ثم فسر الأربعة فقال: أحم أسود؛ ويعنى به الرحل، وعلافىّ:
منسوب إلى علاف؛ وهو رجل من قضاعة. والأبيض الصارم: السيف القاطع. والأعيس: الأبيض، يعنى بعيره. والماجد: الكثير المفاخر؛ وفى حاشية الأصل: «الإبل المهرية: منسوبة إلى مهرة بن حيدان، -