للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كأنّ يديها إذا أرقلت ... وقد جرن ثمّ اهتدين السّبيلا (١)

يدا سابح خرّ فى غمرة ... وقد شارف الموت إلا قليلا (٢)

إذا أقبلت قلت مشحونة ... أطاعت لها الرّيح قلعا جفولا (٣)

وإن أدبرت قلت مذعورة ... من الرّبد تتبع هيقا ذمولا (٤)

ومعنى قوله:

* وقد جرن ثم اهتدين السبيلا*

يعنى المطايا؛ يقول: كن نشيطات يمرحن فلا يلزمن لقم (٥) الطّريق؛ بل يأخذن يمينا وشمالا؛ فلما عضّهن الكلال استقمن على المحجة، فكأنه وصف ناقته ببقاء النشاط مع كلال المطىّ؛ وكنى عن الكلال بلزوم جادة الطريق بعد تنكّبها وهذه كناية فصيحة مليحة.

ومثله قول الآخر:

كأنّ يديها حين جدّ نجاؤها ... يدا سابح فى غمرة يتذرّع (٦)

ومما يشاكل هذا المعنى ويقاربه قول الشماخ:

كأنّ ذراعيها ذراعا مدلّة ... بعيد السّباب حاولت أن تعذّرا (٧)

ممجّدة الأعراق قال ابن ضرّة ... عليها كلاما جار فيه وأهجرا


(١) أرقلت: أسرعت. وجرن: عدلن عن محجة الطريق.
(٢) الغمرة: الماء الكثير؛ ورواية ابن الشجرى:
يدا عائم خرّ فى غمرة ... فأدركه الموت إلّا قليلا.
(٣) المشحونة: المملوءة، وهو من وصف السفينة. والجفول: الّذي تستخفه الريح ثم تحركه.
(٤) الربد: جمع ربداء؛ وهى فى السوداء المنقطة بحمرة؛ من وصف النعام. والهيق: ذكر النعام والذمول: وصف لسير الظليم، ورواية المفضل:
إذا أقبلت قلت مذعورة ... من الرّمد تلحق هيقا ذمولا.
(٥) لقم الطريق معظمه؛ وقال الليث: لقم الطريق منفرجه، تقول: عليك بلقم الطريق فالزمه.
(٦) يقال: ذرع السابح، إذا حرك يديه للسبح.
(٧) من قصيدة طويلة فى ديوانه:
٢٦ - ٣٤، وأولها:
أتعرف رسما دارسا قد تعيرا ... بذروة أقوى بعد ليلى وأقفرا.