للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وممن شبه سرعة أيدى الإبل بأيدى النوائح كعب بن زهير فقال (١):

كأنّ أوب ذراعيها إذا عرقت ... وقد تلفّع بالقور العساقيل (٢)

وقال للقوم حاديهم وقد جعلت ... أرق الجنادب يركضن الحصى: قيلوا (٣)

شدّ النهار ذراعا عيطل نصف ... قامت فجاوبها نكد مثاكيل (٤)

نوّاحة رخوة الضّبعين ليس لها ... لمّا نعى بكرها النّاعون معقول (٥)

العساقيل: أوائل السّراب؛ ولا واحد لها من لفظها. وأخبر أنّ ناقته فى شدّة الحر واتقاد الظهيرة تمرح فى سيرها وتتذرع بيديها؛ وشبه ذراعيها بذراعى امرأة نصف تنوح على ابنها، وقد نعى إليها؛ فهى تشير بيديها وتوالى تحريكهما. والعيطل: الطويلة العنق، وجعلها نصفا لأنها قد كادت تيأس من الولد فهى أشد لحزنها على ابنها وتفجّعها عليه، والقور: جمع قارة وهى ما ارتفع واستدار من الرمل؛ وأراد أن يقول: كما تلفعت القور بالعساقيل، فلم يمكنه فقلب.


(١) ديوانه: ١٦ - ١٨، من قصيدته المشهورة: «بانت سعاد».
(٢) رواية الديوان: «وقد عرقت». وأوب: رجع. وتلفع: تلحف، وفى حاشية الأصل:
«قريب منه قول المرار الفقعسى يصف ناقته:
كأنما أوب يديها إلى ... حيزومها فوق حصى الجدجد
نوح ابنة الجون على هالك ... تندبه رافعة المجلد
- الجدجد: الأرض الصلبة. ابنة الجون: نواحة معروفة. والمجلد: قطعة جلد تضرب بها النائحة على صدرها».
(٣) حاشية ف (من نسخة): «ورق»، والورق والأرق: جمع أورق؛ وهو الأخضر المائل إلى السواد. أو ما كان على لون الرماد وقيلوا؛ من القائلة.
(٤) شد النهار: ارتفاع النهار؛ وهو ظرف، أى وقت ارتفاع النهار. والعيطل: الطويلة، ونكد: قليلات الأولاد. والنصف، هى التى قامت تنوح، شبه يدى ناقته بيدى هذه المرأة. والنكد:
جمع نكداء، وهى التى لا يصيبها خير.
(٥) نواحة، يعنى هذه النصف، وقوله: «رخوة الضبعين» يريد أنها شديدة الحركة والالتدام. والضبعان هما العضدان، والواحد ضبع. وبكرها: أول ولدها.
والمعقول: العقل، يقال: ما لفلان معقول، وماله مجلود.