للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأخذ هذا المعنى بعينه أبو تمام فقال:

رعته الفيافى بعد ما كان حقبة ... رعاها، وماء المزن ينهلّ ساكبه (١)

فكم جزع واد جبّ ذروة غارب ... ومن قبل كانت أتمكته مذانبه (٢)

فأما قوله/:

فما أحجم الأعداء عنك بقيّة ... عليك، ولكن لم يروا فيك مطمعا

فمأخوذ من قول الأول (٣):

فما بقيا عليّ تركتمانى ... ولكن خفتما صرد النّبال (٤)

وقريب منه قول الآخر:

لعمرك ما النّاس أثنوا عليك ... ولا قرّظوك ولا عظّموا

ولو أنّهم وجدوا مطعنا ... إلى أن يعيبوك ما أحجموا

فأنت بفضلك ألجأتهم ... إلى أن يجلّوا وأن يعظموا


(١) ديوانه: ٤٤ من قصيدته التى يمدح فيها عبد الله بن طاهر؛ وأولها:
أهنّ عوادى يوسف وصواحبه ... فعزما فقد ما أدرك السّؤل طالبه
وفى الديوان: «وماء الروض ينهل ساكبه». وبعده:
فأضحى الفلا قد جدّ فى برى نحضه ... وكان زمانا قبل ذاك يلاعبه
النحض: اللحم المكتنز.
(٢) جب: قطع. أتمكته: أسمنته. المذانب: مجارى الماء. ورواية الديوان:
* وبالأمس كانت أتمكته مذانبه*.
(٣) هو اللعين المقرى؛ وكان قد تعرض لجرير والفرزدق فقال:
سأقضى بين كلب بنى كليب ... وبين القين قين بنى عقال
بأن الكلب مرتعه وخيم ... وأن القين يعمل فى سفال
فلم يجبه أحد منهما؛ فقال:
فما بقيا عليّ تركتمانى، ... ولكن خفتما صرد النبال.
(٤) البقيا: الرحمة والشفقة. وصرد السهم: نفذ أو نكل؛ وهو من الأضداد؛ والمعنى على الأول:
أنكما خفتما أن تنفذ سهامى فيكما، أى هجائى، وعلى الثانى: أنكما خفتما ألا تنفذ سهامكما، فعجزتما عن الرد عليّ.