للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من تعلّل بالتأسّى بما نال غيره، وهو يرثى شبابه، وأحسن:

يا شبابى وأين منّى شبابى! ... آذنتنى أيّامه بانقضاب (١)

لهف نفسى على نعيمى ولهوى! ... تحت أفنانه اللّدان الرّطاب

ومعزّ عن الشباب مؤسّ ... بمشيب اللّدات والأصحاب

قلت لمّا انتحى يعدّ أساه (٢) ... من مصاب شبابه كمصاب

ليس تأسو كلوم غيرى كلومى ... ما به ما به، وما بي ما بي

ولابن الرومىّ:

/ لهفى على الدّنيا وهل لهفة ... تنصف منها إن تلهّفتها! (٣)

قبحا لها قبحا على أنها ... أقبح شيء حين كشّفتها

وقد يعزّينى شباب مضى ... ومدّة للعيش أسلفتها

فكّرت فى خمسين عاما مضت ... كانت أمامى ثم خلّفتها

أجهلتها إذ هى موفورة ... ثم مضت عنّى فعرّفتها

ففرحة الموهوب أعدمتها ... وترحة المسلوب ألحفتها

لو أنّ عمرى مائة هدّنى ... تذكّرى أنّى تنصّفتها

وله فى هذا المعنى، وقد تقدمت هذه الأبيات فى الأمالى السالفة، وقد أحسن فى معناها كلّ الإحسان:

كفى بسراج الشّيب فى الرأس هاديا ... إلى من أضلّته المنايا لياليا (٤)

أمن بعد إبداء المشيب مقاتلى ... لرامى المنايا تحسبينى ناجيا!

غدا الدّهر يرمينى فتدنو سهامه ... لشخصى أخلق أن يصبن سواديا

وكان كرامى اللّيل يرمى ولا يرى ... فلمّا أضاء الشّيب شخصى رمانيا


(١) ديوانه، الورقة ٤٢.
(٢) أساة: جمع أسوة؛ وهو القدوة.
(٣) ديوانه، الورقة ٤٤.
(٤) حاشية الأصل (من نسخة): «لمن قد أضلته».