للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أجرس لها يا ابن أبى كباش (١) ... فما لها الليلة من إنفاش (٢)

غير السّرى وسائق نجّاش ... أسمر مثل الحيّة الخشخاش

والنّجاش: هو المستثير لسيرها، والمستخرج لما عندها منه، ومعنى: أجرس لها، أى أحد لها لتسمع/ الحداء فتسير، وهو مأخوذ من الجرس وهو الصوت؛ ومعنى:

الإنفاش، أراد أنها لا تترك ترعى ليلا، والنفش أن ترعى الإبل ليلا، وقد أنفشتها إذا أرسلتها بالليل ترعى.

والخشخاش: الخفيف الحركة السريع التقلّب.

والنجش فى البيوع يرجع معناه إلى هذا أيضا؛ لأن الناجش يستثير بزيادته فى الثمن، ومدحه السلعة الزيادة فى ثمنها؛ فيكون معنى الخبر على هذا: لا تناجشوا، أى لا يمدح أحدكم السلعة فيزيد فى ثمنها، وهو لا يريد شراءها ليسمعه غيره فيزيده.

وقد يجوز أيضا أن يريد بذلك: لا يمدح أحدكم صاحبه من غير استحقاق ليستدعى منفعته، ويستثير فائدته؛ وهذا المعنى أشبه بأن يكون مراده عليه السلام، لأن قوله: «ولا تدابروا» أشدّ مطابقة له.

ومعنى: «لا تدابروا» أى لا تهاجروا ويولّى كلّ واحد صاحبه دبر وجهه، قال الشاعر:

وأوصى أبو قيس بأن تتواصلوا ... وأوصى أبوكم، ويحكم! أن تدابروا (٣)

فكأنه قال عليه السلام: لا تتمادحوا وتتواصلوا بالمدح الّذي ليس بمستحق، ولا تهاجروا وتتقاطعوا.


(١) اللسان (جرس)؛ وفى حاشية الأصل: «صوت الجرس؛ وروى ابن السكيت: «أجرش»، وأنكروا عليه: أجرشت الشيء إذا لم تنعم دقه».
(٢) حاشية الأصل: «نفشت الإبل: تفرقت فى المرعى، وأنفشتها أنا، أى ليس لها الليلة استراحة».
(٣) اللسان (دبر)، من غير نسبة.