للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذه الكلمة بدءا؟ قلت: فيها قولان؛ القارة هى الحرّة من الأرض، وزعمت الرواة أن القارة كانت رماة للتبابعة (١)، والملك إذ ذاك أبو حسّان، فواقف (٢) عسكره عسكرا للسّغد (٣)، فخرج فارس من السّغد، قد وضع سهمه فى كبد قوسه فقال: أين رماة العرب؟ فقالت العرب:

«أنصف القارة من راماها» فقال لى الرشيد: أصبت، ثم قال: أتروى لرؤبة بن العجاج والعجاج شيئا، فقلت: هما شاهدان لك بالقوافى؛ وإن غيّبا عن بصرك بالأشخاص، فأخرج من ثنى فرشه رقعة ثم قال: أنشدنى:

* أرّقنى طارق همّ أرقا (٤) *

فمضيت فيها مضىّ الجواد فى متن ميدانه، تهدر بى أشداقى (٥)، فلما صرت إلى مديحه لبنى أمية تثنيت لسانى إلى امتداحه للمنصور فى قوله:


وهم رماة الحدق فى الجاهلية، وهم اليوم فى اليمن». وفى اللسان (قور): «زعموا أن رجلين التقيا؛ أحدهما قارىّ والآخر أسدىّ، فقال القارىّ: إن شئت صارعتك وإن شئت راميتك، فقال:
اخترت المراماة؛ فقال القارىّ: قد أنصفتنى؛ وأنشد:
قد أنصف القارة من راماها ... إنّا إذا ما فئة نلقاها
* نردّ أولاها على أخراها*
ثم انتزع له سهما، فشك فؤاده». ونقل صاحب اللسان أيضا عن ابن برى: «إنما قيل: «أنصف القارة من رماها» لحرب كانت بين قريش وبين بكر بن عبد مناة بن كنانة، وكانت القارة مع قريش، فلما التقى الفريقان راماهم الآخرون حين رمتهم القارة، فقيل: قد أنصفكم هؤلاء الذين سادوكم فى العمل الّذي هو صناعتكم، وأراد الشداخ أن يفرق القارة فى قبائل كنانة فأبوا».
(١) حاشية الأصل: «التبابعة ملوك العرب الجاهلية؛ وكانوا يكونون باليمن؛ الواحد تبع».
(٢) المواقفة: أن تقف مع غيرك، ويقف معك فى حرب أو خصومة.
(٣) حاشية الأصل: «السغد: بين سمرقند وبخارى».
(٤) مطلع أرجوزة طويلة لرؤبة، يمدح فيها مروان بن الحكم، وهى فى ديوانه ١٠٨ - ١١٥، وبعد هذا البيت:
* وركض غربان غدون نعّقا*.
(٥) حاشية الأصل (من نسخة): «تهدر بها أشداقى».