للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- وعدىّ كالمستريح- قال جرير: أما تراه يستلب بها مثلا! فقال الفرزدق: يا لكع، إنه يقول:

* قلم أصاب من الدّواة مدادها*

فقال عدىّ:

* قلم أصاب من الدّواة مدادها (١) *

فقال جرير: كان سمعك مخبوءا (٢) فى صدره! فقال لى: اسكت شغلنى سبّك عن جيّد الكلام؛ فلما بلغ إلى قوله:

ولقد أراد الله إذ ولّاكها ... من أمّة إصلاحها ورشادها (٣)

قال الأصمعىّ: فقال لى: ما تراه قال إذ أنشده الشاعر هذا البيت؟ فقلت: قال: كذا أراد الله، فقال الرشيد: ما كان فى جلالته ليقول هذا، أحسبه قال: ما شاء (٤) الله! قلت:

وكذا جاءت الرواية، فلما أتيت على آخرها قال لى: أتروى لذى الرّمة شيئا؟ قلت: الأكثر، قال: فماذا أراد بقوله:

/ ممرّ أمرّت متنه أسديّة ... ذراعية حلّالة بالمصانع (٥)

قلت: وصف حمار وحش، أسمنه بقل روضة تواشجت أصوله، وتشابكت فروعه، عن مطر سحابة كانت بنوء الأسد فى الذّراع من ذلك. فقال الرشيد: أرح، فقد وجدناك ممتعا، وعرفناك محسنا، ثم قال: أجد ملالة ونهض، فأخذ الخادم يصلح عقب النعل فى رجله وكانت عربيّة، فقال الرشيد: عقرتنى يا غلام، فقال الفضل: قاتل الله الأعاجم، أما إنها


(١) حاشية ف: «يصف ظبية تسوق ولدا، فى صوته غنة، ثم شبه رأس قرنه بقلم أصاب طرفه المداد.
وأراد بالروق رأس القرن، وروق كل شيء: أوله».
(٢) حاشية الأصل (من نسخة):
«كأن سمعك مخبوء فى قلبه».
(٣) حاشية الأصل: «عدىّ قال: «وفسادها»، والأصمعى أنشد: «رشادها».
(٤) حاشية الأصل: قوله «ما شاء الله» على الطريقة المعهودة أى ما شاء الله كان، كأنه يشير إلى أن دولته فى مشيئة الله تعالى».
(٥) ديوانه: ٣٦١، وروايته:
* يمانية حلّت جنوب المضاجع*.