للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسرّات حبّ مظهرات عداوة ... تراهنّ كالمرضى وهنّ صحاح

ومثله:

يكتبين الينجوج فى كبد المش ... تى وبله أحلامهنّ وسام (١)

أما قوله: «يكتبين» فمأخوذ من لفظ الكباء، وهو العود، أراد يتبخّرن به، والينجوج هو/ العود، وفيه ست لغات: ينجوج، وأنجوج، ويلنجوج، وألنجوج، وألنجج، ويلنجج.

فأما كبد المشتى، فهو ضيقته (٢) وشدّته، ومنه قوله تعالى: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ [البلد: ٤]؛ وقد روى: «فى كبّة المشتى» والمعنى متقارب، لأن الكبّة هى الصدمة والحملة، مأخوذ من كبّة (٣) الخيل؛ وأما الوسام فهنّ (٤) الحسان من الوسامة، وهى الحسن.

ويمكن أن يكون فى البله جواب آخر، وهو أن يحمل على معنى البله الّذي هو الغفلة والنقصان فى الحقيقة، ويكون معنى الخبر أنّ أكثر أهل الجنة الذين كانوا بلها فى الدنيا، فعندنا أن الله ينعّم الأطفال فى الجنة والمجانين والبهائم، وإنما لم نجعلهم بلها فى الجنة وإن كان ما يصل إليهم من النعيم على سبيل العوض أو التفضّل (٥) لا يفتقر إلى كمال العقل، لأنّ الخبر ورد بأن الأطفال والبهائم إذا دخلوا الجنّة لم يدخلوها إلا وهم على أفضل الحالات وأكملها، ولهذا صرفنا البله عنهم فى الجنة، ورددناه إلى أحوال الدنيا، وإلّا فالعقل لا يمنع من ذلك كمنعه

إياه فى باب الثواب والعقاب.


(١) البيت لأبى دؤاد الإيادى، وهو فى الأصمعيات ٦٨، وفى حاشية الأصل: «أى عقولهن بله، وهن وسام، وواحد الوسام وسيم».
(٢) ت: «ضيقة»، ش: «ضيقته»، بكسر الضاد وفى حاشيتى ت، ف: «الضيقة: الضر والبؤس؛ وهو الضيق أيضا».
(٣) فى نسخة بحاشيتى الأصل، ت: «فهى».
(٤) حاشية الأصل: «وهو ازدحامهما».
(٥) فى نسخة بحواشى الأصل، ت، ف: «فإن التفضل». د: «والتفضل».