للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على أنه يمكن فى الجواب عن هذا الاعتراض وجه آخر؛ وقد تقدم معناه فى بعض كلامنا، وهو أن قلوبهم لا تكون أشدّ من الحجارة إلا بعد أن يكون فيها قسوة الحجارة؛ لأن القائل إذا قال: فلان أعلم من فلان فقد أخبر أنه زائد عليه فى العلم الّذي اشتركا فيه؛ فلا بدّ من الاشتراك ثم الزيادة، فليس هاهنا تناف على ما ظنّ المعترض، ولا إثبات لصفة ونفيها، فكل هذا واضح (١) بحمد الله.

*** قال سيدنا أدام الله تمكينه: وإنى لأستحسن من الشعر قول الأحوص بن محمد الأنصارىّ:

ومولى سخيف الرّأى رخو تزيده ... أناتى، وعفوى (٢) جهله عنده ذمّا (٣)

دملت، ولولا غيره لأصبته ... بشنعاء باق عارها تقر العظما (٤)

طوى حسدا ضغنا عليّ كأنّما ... أداوى به فى كلّ مجمعة كلما (٥)

/ ويجهل أحيانا فلا يستخفّنى ... ولا أجهل العتبى إذا راجع الحلما (٦)

يصدّ وينأى فى الرّخاء بودّه ... ويدعو ويدعونى إذا خشى الهضما

فيفرج عنه أربة الخصم مشهدى ... وأدفع عنه عند عثرته الظّلما

الإربة: الدهاء، والإربة: العقدة، وكلا المعنيين يحتمل لفظ البيت-

وكنت امر أعود (٧) الفعال تهزّنى ... مآثر مجد تالد لم يكن زعما


(١) م: «بين».
(٢) ف، حاشية الأصل (من نسخة): «غفرى».
(٣) فى حاشيتى الأصل، ف: «أى كلما غفرت جهله زادنى ذما».
(٤) دملت: داريت وداجيت؛ ويقال: «ادمل القوم»؛ أى اطوهم على ما فيهم؛ ومنه قول ابن الطيفان:
ومولى كمولى الزّبرقان دملته ... كما اندملت ساق يهاض بها الكسر
وتقر العظم: تصدعه وتكسره. وشنعاء، أى قصيدة فى الهجو.
(٥) من نسخة بحاشيتى الأصل، ف: «أدارى». وبه أى بحطئه، والمجمعة: المجمع.
(٦) العتبى: الرضا.
(٧) عود الفعال: جليله وعظيمه.