للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أعمى إذا ما جارتى خرجت ... حتّى يوارى جارتى الخدر

ويصمّ عمّا كان بينهما ... سمعى وما بى غيره وقر (١)

وقال الآخر:

لقد طال كتمانيك (٢) حتّى كأنّنى ... بردّ جواب السّائلى عنك أعجم (٣)

وعلى هذا التأويل قد زال الاختلاف، لأنّ التساؤل والتلاؤم لا حجّة فيه .. وأما قوله تعالى: وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ، فقد قيل: إنهم غير مأمورين بالاعتذار، فكيف يعتذرون؟ ويجاب بحمل الإذن على الأمر؛ وإنّما لم يؤمروا به من حيث كانت تلك الحال لا تكليف فيها، والعباد ملجئون عند مشاهدة أحوالهم إلى الاعتراف والإقرار. وأحسن من هذا التأويل أن يحمل لِيُؤْذَنَ، على معنى أنه لا يستمع لهم، ولا يقبل عذرهم، والعلة فى امتناع قبول عذرهم هى التى ذكرناها (٤).


(١) حاشية الأصل: «يريد به؛ أى بقوله «بينهما» جاره وجارته؛ لأنه ذكر الجار قبل الجارة فى قوله: ما ضر جارا ... البيت»، وفى حاشية ف: «بينهما، أى بين الجار وبين من تخاطبه؛ والكلام يدل على متخاطبين».
(٢) حاشية الأصل: «كتمانى أمرك وعشقك».
(٣) فى حاشيتى ت، ف: «بعده:
لأسلم من قول الوشاة وتسلمى ... سلمت وهل حىّ على الناس يسلم.
(٤) حواشى الأصل، ت، ف: «قوله تعالى: هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ. وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ؛ التقدير: لا ينطقون بنطق ينفعهم، ولا يعتذرون بعذر ينفعهم، فيكون يعتذرون داخلا فى حيز النفى، ولا يمكن حمله على الإيجاب إلا إذا كان المعنى على أنهم ينطقون بنطق ينفعهم؛ لأنه إن حمل على الظاهر كان فى الكلام تناقض؛ لأن التقدير إذا: هذا يوم لا ينطقون فيعتذرون؛ وهذا تناقض، لأن الاعتذار نطق، وإن شئت كان التقدير: لا ينطقون بحال، ولا يعتذرون؛ لأن هناك مواقف؛ فيكون هذا فى موقف؛ ومثله قراءة الحسن والثقفي: لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا،
فقوله: يَمُوتُونَ معطوف على لا يُقْضى أى لا يقضى عليهم فلا يموتون؛ كذلك لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون؛ أى فلا يعتذرون؛ وهذا أحسن، والله أعلم».