للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محمد بن يزيد النحوىّ: ما أعرف ضادية أحسن من ضادية أبى الشّيص (١) فقال له: كم ضادية حسنة لا تعرفها! ثم أنشده لبشار:

/ غمض الجديد بصاحبيك فغمّضا ... وبقيت تطلب فى الحبالة منهضا (٢)

وكأنّ قلبى عند كلّ مصيبة ... عظم تكرّر صدعه فتهيّضا

وأخ سلوت له، فأذكره أخ ... فمضى، وتذكرك الحوادث ما مضى (٣)

فاشرب على تلف الأحبّة إنّنا ... جزر المنيّة، ظاعنين وخفّضا (٤)

ولقد جريت مع الصّبا طلق الصّبا ... ثمّ ارعويت فلم أجد لى مركضا (٥)

وعلمت ما علم امرؤ فى دهره ... فأطعت عذّالى، وأعطيت الرّضا

وصحوت من سكر وكنت موكّلا ... أرعى الحمامة والغراب الأبيضا

الحمامة: المرآة، والغراب الأبيض: الشعر الشائب؛ فيقول: كنت كثيرا أتعهد نفسى بالنظر فى المرآة وترطيل (٦) الشعر.

وقوله: «والغراب الأبيض» لأن الشعر كان غربيبا أسود؛ من حيث كان شابا ثم ابيض بالشيب-

ما كلّ بارقة تجود بمائها ... وكذاك لو صدق الرّبيع لروّضا (٧)


(١) مطلعها:
لا تنكرى صدّى ولا إعراضى ... ليس المقلّ عن الزّمان براض
وأبيات منها فى حماسة ابن الشجرى ٢٠٠، ٢٤٠، واللآلى ٣٣٨، ونكت الهميان ٢٥٨، وعيون الأخبار ٤: ٥٢.
(٢) المختار من شعر بشار ص ٢٥ مع اختلاف فى الرواية وعدد الأبيات. والجديد: الزمان.
(٣) رواية المختار:
* وأخ فجعت به وكان مؤمّلا*.
(٤) حاشية الأصل: «أى راحلين ومقيمين».
(٥) الطلق والشأو والشوط بمعنى؛ يقال:
أجريت الفرس شأوا وطلقا وشوطا؛ إذا أجريته مرة واحدة، وارعويت: أقصرت وأفلعت عما كنت عليه.
(٦) ترطيل الشعر: تدهينه وتكسيره.
(٧) ف: «فروضا» ويقال: روض الربيع؛ إذا أنبت رياضا.