للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإدخال الغمّ عليه فى ذلك الوقت على طريق العقاب لم يمتنع أن يقع، وإن لم يكن من الموءودة فهم له؛ لأن الخطاب وإن علّق عليها، وتوجّه إليها فالغرض فى الحقيقة غيرها؛ وهذا يجرى مجرى من ضرب ظالم طفلا من ولده يقول: ولم (١) ضربت؟ وما ذنبك؟ وبأى شيء استحلّ (٢) هذا منك؟ وغرضه تبكيت الظالم لا خطاب الطفل. فالأولى أن يقال فى هذا: إن الأطفال وإن كان (٣) من جهة العقول لا يجب فى وصولهم إلى الأغراض المستحقة أن يكونوا كاملى العقول؛ كما يجب مثل ذلك فى الوصول إلى الثواب؛ فإنّ الخبر متظاهر، والأمة متفقة على أنهم فى الآخرة، وعند دخولهم الجنان يكونون على/ أكمل الهيئات؛ وأفضل الأحوال؛ وإنّ عقولهم تكون كاملة؛ فعلى هذا يحسن توجّه الخطاب إلى الموءودة؛ لأنها تكون فى تلك الحال ممن تفهم الخطاب وتعقله، وإن كان الغرض فيه التبكيت للقائل، وإقامة الحجة عليه.

وقد روى عن أمير المؤمنين عليه السلام؛ وابن عباس، ويحيى بن يعمر، ومجاهد، ومسلم ابن صبيح، وأبى الضحى؛ ومروان، وأبى صالح، وجابر بن زيد أنهم قرءوا سالت بفتح السين والهمزة وإسكان التاء بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ بإسكان اللام وضم التاء الثانية؛ على أن الموءودة موصوفة بالسؤال، وبالقول بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ.

وروى القطعىّ عن سليمان الأعمش عن حفص عن عاصم: قُتِلَتْ بضم التاء الثانية، وفى سُئِلَتْ مثل قراءة الجمهور بضم السين.

وروى عن أبى جعفر المدنى: قُتِلَتْ بالتشديد وإسكان التاء الثانية.

وروى عن بعضهم: وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ بفتح الميم والواو.

فأما من قرأ سألت بفتح السين؛ فيمكن فيه الوجهان اللذان ذكرناهما؛ من أن الله تعالى أكملها فى تلك الحال،

وأقدرها على النطق.


(١) حاشية الأصل: «نسخة س: «لم»، بغير واو».
(٢) حاشية الأصل (من نسخة): «استحل» بالبناء للمجهول.
(٣) م: «كانوا».