وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ طَوَافًا وَاجِبًا عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَقَالَ تِلْمِيذُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ فِي وَقْتِ السَّعْيِ أَنْ يَكُونَ هُوَ وَقْتُ الطَّوَافِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِإِحْرَامٍ فِي الْجَمِيعِ صِفَةٍ لِلْعِبَادَةِ الْمَذْكُورَةِ أَيْ عِبَادَةٍ مَصْحُوبَةٍ بِإِحْرَامٍ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ مِنْ أَجْزَائِهَا لَا فِي وُقُوفِهَا وَلَا فِي طَوَافِهَا وَلَا فِي سَعْيِهَا وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْحَجَّ عِبَادَةٌ مُجْتَمِعَةٌ وَأَنَّ الْإِحْرَامَ مَصْحُوبٌ بِكُلٍّ مِنْهَا لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَزِدْ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لَكَانَ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ طَوَافًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا ثُمَّ أَحْرَمَ بَعْدَهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الطَّوَافُ جُزْءًا مِنْ الْحَجِّ وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ فِي غَيْرِهِ (فَإِنْ قُلْتَ) وَلِأَيِّ شَيْءٍ لَمْ يَقُلْ كَذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ ذَاتِ إحْرَامٍ وَسَلَامٍ فِي الْجَمِيعِ (قُلْتُ) الْفَارِقُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ أَنَّ الْحَجَّ عِبَادَاتٌ وَالصَّلَاةُ عِبَادَةٌ وَاحِدَةٌ وَلِذَا قَالَ عِزُّ الدِّينِ إذَا فَرَّقَ النِّيَّةَ عَلَى أَجْزَائِهَا لَا يَصِحُّ ذَلِكَ فِيهَا لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ وَاحِدَةٌ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ.
(فَإِنْ قُلْتَ) كَلَامُ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَسَنٌ جِدًّا وَيَرِدُ عَلَيْهِ سُؤَالٌ فِي كَوْنِهِ ذَكَرَ فِي التَّفْسِيرِ لِلْمَحْدُودِ الْإِحْرَامَ وَلَمْ يُبَيِّنْهُ كَمَا بَيَّنَ مَا أُبْهِمَ مِنْ أَجْزَاءِ الْحَجِّ فَأَحَالَ السَّامِعَ عَلَى إبْهَامٍ فِي مَقَامِ الْإِفْهَامِ.
(فَالْجَوَابُ) أَنَّ الشَّيْخَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ حُسْنِ إدْرَاكِهِ وَبَلَاغَةِ فَهْمِهِ لَمَّا كَانَ الْإِحْرَامُ فِيهِ أَشْكَالٌ وَأَقْوَالٌ وَاسْتَشْكَلَ فَهْمُهُ عِزُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُ احْتَاجَ إلَى تَعْرِيفٍ لَهُ مُسْتَقِلٍّ فِيهِ طُولٌ وَذَكَرَهُ قَرِيبًا مِنْ هَذَا وَحَقَّقَهُ وَعُلِمَ أَنَّ تَأْلِيفَهُ إنَّمَا هُوَ لِمَنْ صَلُحَتْ جَوْدَتُهُ وَمُشَارَكَتُهُ وَطَالَعَهُ فَاتَّكَلَ عَلَى مَا بَيَّنَهُ لِكَثْرَةِ طُولِهِ فَتَأَمَّلْهُ وَأَفْهَمَ مَقْصِدَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَنَفَعَ بِهِ (فَإِنْ قُلْتَ) إذَا صَحَّ مَا ذَكَرَ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ أَجْزَاءِ الْحَجِّ وَأَرْكَانِهِ وَشُرُوطِهِ ذَلِكَ فَهَلَّا اشْتَرَطَ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ أَنْ لَا يَقِفَ بِعَرَفَةَ فَإِنَّ عَرَفَةَ مِنْ الْحَرَمِ وَعَرَفَةَ مِنْ الْحِلِّ فَهَلَّا زَادَ ذَلِكَ فِي هَذَا الرُّكْنِ كَمَا ذَكَرَ التَّرْتِيبَ فِي الطُّولِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (قُلْتُ) لَعَلَّهُ اتَّكَلَ عَلَى رَسْمِ الْوُقُوفِ الرُّكْنِيِّ لِمَا يَأْتِي لَهُ كَمَا أَشَارَ إلَى الْإِحْرَامِ وَفِيهِ بَحْثٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِقَصْدِهِ.
[بَابٌ فِيمَا يَجِبُ الْحَجُّ بِهِ وَمَا يَصِحُّ بِهِ]
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - " يَجِبُ بِالتَّكْلِيفِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالِاسْتِطَاعَةِ وَالْإِسْلَامِ " قَوْلُهُ " بِالتَّكْلِيفِ " أَخْرَجَ بِهِ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ مِنْ مَجْنُونٍ وَمَا شَابَهَهُ " وَالْحُرِّيَّةِ " أَخْرَجَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute