للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنْ يُقَالَ هَذِهِ عِنَايَةٌ فِي الْحَدِّ وَإِبْهَامٌ فِيهِ لِأَنَّ غَايَةَ ذَلِكَ إنْ أَوْجَبَ الِاشْتِرَاكَ فِي الْمُمَاثَلَةِ (قُلْتُ) لَا يُرَدُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْعُرْفَ مُقَدَّمٌ عَلَى اسْتِعْمَالِ اللُّغَةِ فَلَا إبْهَامَ بَلْ إفْهَامٌ ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَوْلُنَا مَا عَلَيْهِ خَيْرٌ مِنْ لَفْظِ الدَّيْنِ أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى سُؤَالٍ عَلَيْهِ كَأَنَّهُ قِيلَ لَهُ لِأَيِّ شَيْءٍ لَمْ تَقُلْ لَفْظَ الدَّيْنِ وَهُوَ أَخْصَرُ مِمَّا عَلَيْهِ قَالَ فِي الْجَوَابِ لِأَنَّ مَا عَلَيْهِ أَعَمُّ وَالدَّيْنُ أَخَصُّ فَلَوْ عَبَّرَ بِالدَّيْنِ لَمَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ وَالْكِتَابَةُ وَقَدْ صَرَّحَ فِيهِمَا بِالْمُقَاصَّةِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مُلَاحَظَةِ الْأَلْفَاظِ الْمُخْتَصَرَةِ الَّتِي يَتِمُّ الْجَمْعُ فِيهَا وَالْمَنْعُ وَإِنْ فَادَ ذَلِكَ غَيْرَهَا (فَإِنْ قُلْتَ) قَدْ قَالَ الْفُقَهَاءُ إنَّ الْمُقَاصَّةَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ وَقَدْ حَدَّ الشَّيْخُ بَيْعَ الدَّيْنِ بِمَا يُنَاسِبُ جِنْسَهُ فَإِنَّهُ قَالَ بَيْعُ شَيْءٍ إلَخْ فَمَا سِرُّ كَوْنِهِ قَالَ مُتَارَكَةٌ فِي جِنْسِ الْمُقَاصَّةِ (قُلْتُ) تَقَدَّمَ لَنَا لَعَلَّ الْمُقَاصَّةَ صَارَتْ لَقَبًا عَلَى الْمُتَارَكَةِ شَرْعًا وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ بَيْعَ الدَّيْنِ وَفِيهِ نَظَرٌ ثُمَّ أَنَّ الشَّيْخَ أَشَارَ إلَى فَائِدَةٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَأَنَّهُ وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي بُيُوعِ الْآجَالِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ أَنَّ الْمُقَاصَّةَ جَائِزَةٌ قَالَ فَيَجِبُ تَفْسِيرُ الْمُدَوَّنَةِ بِالْجَوَازِ الْأَعَمِّ مِنْ الْوُجُوبِ لَا بِالْجَوَازِ الْأَخَصِّ الَّذِي هُوَ قَسِيمُهُ لِأَنَّا لَوْ حَمَلْنَا الْمُدَوَّنَةَ عَلَى الْجَوَازِ الْأَخَصِّ لَكَانَ فِيهَا أَنَّ الْمُقَاصَّةَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ وَالْمَشْهُورُ وُجُوبُهَا فَيَجِبُ تَأْوِيلُهَا بِمَا ذَكَرَهُ.

(فَإِنْ قُلْتَ) كَثِيرًا مَا يَقُولُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْمَشْهُورُ قَدْ لَا يَتَقَيَّدُ بِهَا وَيَكُونُ الْمَشْهُورُ فِي غَيْرِهَا خِلَافًا لِلْمَغَارِبَةِ (قُلْتُ) ذَلِكَ حَيْثُ يَتَعَيَّنُ النَّصُّ وَيَتَعَذَّرُ التَّأْوِيلُ وَإِنْ أَمْكَنَ فَيَجِبُ لِوُجُوبِ الْأَصْلِ الْمَشْهُورِ ثُمَّ قَالَ وَمِنْ نَحْوِ هَذَا يَقَعُ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَا هُوَ مِنْ الْقَوَاعِدِ الْعَقْلِيَّةِ لِلْمُشَارَكَةِ فِي عُلُومِهَا أَوْ لِفِطْرَةٍ سُنِّيَّةٍ وَهَذَا حَقٌّ لِأَنَّ الْمُشَارَكَةَ فِي الْعُلُومِ لِمَنْ يُرِيدُ الْفَهْمَ عَلَى حَقِيقَتِهِ الْجَارِي عَلَى أُصُولِ الشَّرِيعَةِ وَالْقَوَاعِدِ الْعَقْلِيَّةِ وَاجِبٌ سِيَّمَا مَعَ تَعَرُّضِ الْمُتَأَخِّرِينَ إلَى كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَائِلِ يُجْرِيهَا عَلَى قَوَاعِدَ أُصُولِيَّةٍ وَمَسَائِلَ مَنْطِقِيَّةٍ وَكَلِمَاتٍ عُرْفِيَّةٍ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ يُعَرِّفُنَا قَدْرَنَا وَيُعَلِّمُنَا مَا جَهِلْنَا وَيَنْفَعُنَا بِمَا عَلَّمَنَا.

[كِتَابُ الرُّهُونِ]

(ر هـ ن) :

<<  <   >  >>